علمني رسول الله إن لله في دهره لنفحات واللقاء 265 التقي ان شاء الله 2/8/2019
صفحة 1 من اصل 1
علمني رسول الله إن لله في دهره لنفحات واللقاء 265 التقي ان شاء الله 2/8/2019
علمني رسول الله
إن لله في دهره لنفحات
واللقاء 265
التقي ان شاء الله
2/8/2019
●●●●●●●
الحمد لله رب العالمين
•••••••••••••••••
الحمد لله الذي
هدى بكتابه القلوب
و انزله
في أوجز لفظ
وأعجز أسلوب
فاعيت
بلاغته البلغاء
واعجزت
فصاحته الفصحاء
واسكتت
حكمته الحكماء
واذهلت
روعته الخطباء .
فهو
الحُجّة البالغة
والدلالة الدامغة
والنعمة الباقية
و العصمة الواقية
و هو
النور المبين
و الذكر الحكيم
و الصراط المستقيم
وهو شفاء الصدور
و الحكم العدل
فيما أحكم و تشابه من الامور .
•••••••••
•••••
•••
و اشهد ان لا اله الا الله
وحده لا شريك له
•••••••••••••••••
الذي نزل الفرقان على عبده
ليكون للعالمين نذيرا ،
القائل سبحانه
(وَ بِالحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ
وَ بِالحَقِّ نَزَلَ
وَ مَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَ نَذِيرًا)
الاسراء : ١٠٥
و القائل سبحانه :
( قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّ
لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلمَاتُ رَبِّي
وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا )
الكهف : ١٠٩
و اشهد انّ سيّدنا محمدا
عبده ورسوله
••••••••••••••••
و صفيّه من خلقه و خليله ،
أدّى الامانة
و بلّغ الرسالة
و نَصَح للامة
و كشف الله به الغمّة
و تَرَكَنا كالمَحَجَّة البيضاء
ليلها كنهارها
لايزيغ عنها الا هالك .
ولايتبعها الا كل منيب سالك
الذي خاطبه ربه جلاّ وعلا
في اول آيات انزَلَها على قلبه
بقوله سبحانه :
( اقْرَأْ
بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ
خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ
اقْرَأْ
وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ
الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ
عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ )
العلق : ١ـ٢ـ٣ـ٤ـ٥
و المخاطب من الله جل وعلا
بقوله :
(طه مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى
إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى
تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى
الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)
طه : ١ـ٢ـ٣ـ٤ـ٥
القائل
كما في الصّحيحين
من حديث ابي هريرة :
( ما من نبيّ من الانبياء الا أُعطيَ
ما مِثلُه آمَن عليه البشر ،
وكان الذي اوتيته وحيا اوحاه الله اليّ
فأرجو أن أكون اكثرَهُم تابعا يوم القيامة )
اللهم صل و سلم
و زد وبارك عليه
و على آله و اصحابه و احبابه و اتباعه
و على كل من اهتدى بهديه و استنّ بسنّته
و اقتفى اثره الى يوم الدين .
•••°••••°•°•°•°•••°•••••°°•
أما بعد:
اولا
الموعظة قبل التذكرة.
قال الله ﷻ
مخاطبا الصحابة
إِلاَّ تَنصُرُوهُ
عفَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ
إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ
{ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}
فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ
وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا
وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا
وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
..
قال الله ﷻ
ليعلمنا ويخبرنا وينبئنا
ان الهادي هو الله وحده.
﴿ وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ
ومن يضلل فلن تجد له وليا" مرشدا﴾
حينما يرى الله
إقبال قلبك عليه..
وجهاد نفسك من أجل رضاه..
يهديك إليه ..
﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا
وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾
هذا وعد ربك ..
فأقبل .!
أحبابي الكرام:,
الله عز وجل يتعامل مع أهل الإيمان
معاملة خاصة
حتي يقوموا بالمطلوب
ويحصلوا علي المقصود
من خلال ثلاث مراحل رئيسية
ذكرهم الله عز وجل في القرآن الكريم,
وأرجو من حضرتك التركيز لتعرف في أي مرحلة أنت من المراحل الثلاث؟؟؟
أولا
مرحلة الهدي البياني
يبين الله عز وجل لأهل الإيمان
كيفية الحصول علي الهداية
في قوله تعالي
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيْمِ
يٰأَيُّهَا الَّذِيْنَ اٰمَنُوْا
أَطِيْعُوا
اللّٰهَ وَرَسُوْلَهٗ
وَلَا تَوَلَّوْا
عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُوْنَ ٢٠
وَلَا تَكُوْنُوْا
كَالَّذِيْنَ قَالُوْا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُوْنَ ۚ٢١
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللّٰهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِيْنَ لَا يَعْقِلُوْنَ ٢٢
وَلَوْ عَلِمَ اللّٰهُ فِيْهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْۗ
وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُوْنَ ٢٣
ثم يؤكد الرحمن أين السبيل
لمن أراد النجاة من
الأبرار
يٰأَيُّهَا الَّذِيْنَ اٰمَنُوا
اسْتَجِيْبُوْا
لِلّٰهِ وَلِلرَّسُوْلِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيْكُمْۚ
وَاعْلَمُوْا أَنَّ اللّٰهَ يَحُوْلُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهٖ
وَأَنَّهٗ إِلَيْهِ تُحْشَرُوْنَ ٢٤
وَاتَّقُوْا
فِتْنَةً لَّا تُصِيْبَنَّ الَّذِيْنَ ظَلَمُوْا مِنْكُمْ خَاصَّةًۚ
وَاعْلَمُوْا
أَنَّ اللّٰهَ شَدِيْدُ الْعِقَابِ ٢٥
وَاذْكُرُوْا
إِذْ أَنْتُمْ قَلِيْلٌ مُّسْتَضْعَفُوْنَ فِى الْأَرْضِ تَخَافُوْنَ أَنْ يَّتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ
فَاٰوٰكُمْ وَأَيَّدَكُمْ
بِنَصْرِهٖ
وَرَزَقَكُمْ
مِنَ الطَّيِّبٰتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُوْنَ ٢٦
يٰأَيُّهَا الَّذِيْنَ اٰمَنُوْا
لَا تَخُوْنُوا
اللّٰهَ وَالرَّسُوْلَ
وَتَخُوْنُوْا
أَمٰنٰتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُوْنَ ٢٧
وَاعْلَمُوْا
أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌۙ
وَأَنَّ اللّٰهَ عِنْدَهٗ أَجْرٌ عَظِيْمٌ ؑ٢٨
وختم الآيات
بقوله تعالي
وَاعْلَمُوْا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌۙ وَأَنَّ اللّٰهَ عِنْدَهٗ أَجْرٌ عَظِيْمٌ
لاحظ:
أن الخطاب في الآية خاص بأهل الإيمان
( يا أيها الذين آمنوا )
فالله عز وجل يبين ويوضح لأهل الإيمان
أن الفوز كل الفوز
والنجاح كل النجاح
وتحصيل الهداية
وتحقيق المطلوب
والوصول إلي الموعود
في شيئا واحدا
ألا وهو
( الاستجابة والانقياد والامتثال
لأوامر الله عز وجل
بسنة الرسول صل الله عليه وسلم )
كن فطنا كيسا
وتذكر تحذير الإله
لك:
{ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }
وهنا السؤال:
هل أنت وانا استجبنا لله ولرسوله أم لا؟؟؟
إن كنت استجبت فأنت من أهل الإيمان ومن أهل الهداية ومن أهل النجاح والفلاح والفوز بالآخرة,
أما إن كنت لم تستجب لهذا البيان والنداء الرباني فالله عز وجل ينقلك للمرحلة الثانية
وهي:-
ثانيا
مرحلة الهدي التربوي التأديبي
إذا تركت المنهج
وما استجبت لله ولرسوله وتركت طريق الهداية,
فمن حب الله عز وجل لك
أنه يمهلك ويمن عليك بفرصة ثانية بالتربية والتأديب, كيف؟؟؟
قال تعالي:
( ولنذيقنهم
من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر
لعلهم يرجعون )
يجري الله عز وجل عليك بعض الأحوال والشدائد المخالفة للنفس لعلك ترجع,
لعلك تتوب,
لعلك ترجع
وإن لم تستجب فهذا هو وعيدالله لنا جميعا
قال تعالى
محذرا.
(وَضَرَبَ
اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً
كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً
يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ
فَكَفَرَتْ
بِأَنْعُمِ اللَّهِ
فَأَذَاقَهَا
اللَّهُ لِبَاسَ
الْجُوعِ وَالْخَوْفِ
بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)
•••••••••••
فاجتهدوا عباد الله في ترك المعاصي
مهما شق ذلك على أنفسكم ،
لان عذاب وعقاب الله في الآخرة
اقوي واشد
قال تعالى :
{ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}
︎︎︎︎︎
فيا أيها المسلمون :
خافوا على أنفسكم
وخافوا على أولادكم
وأغلقوا مجاري الشيطان
وانشغلوا بطاعة الرحمن ،
تعلموا دينكم
وأقبلوا على ربكم
واسألوه الهداية لكم ولأولادكم
فإن الله عزيز
لا يعجزه شئ في الأرض ولا في السماء
وقد وعد عباده الذين يجتهدون
في طلب النجاة
بالمعونة ..
قال تعالى :
{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا
وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }
وقال سبحانه
{ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا
وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ }
فاجتهدوا في طاعة الله
بأداء الواجبات التي فرضها عليكم
وأداء حقوق الأولاد والأزواج
فإن الله سائل كل راعٍ عما استرعاه
حفظ أم ضيع .
أيها المسلمون :
انشغلوا بآخرتكم
وكفاكم لهو وغفلة وكسل
فإن الموت قريب
وبعد الموت بعث ونشوز
وحساب
وإما إلى جنة أو إلى نار .
لذا يدعونا
الإمام الشّافِعي
كان بيقول :
( سِيروا إلى الله عَرجى ومكاسير ،
ولا تنْتَظروا الصِّحة
فإن انْتِظار الصحَّة بطالة )
::::::::::
((والذين جاهَدُوا فِينا لنَهدِينهُم سُبلَنا))
ـ "كمِّل طَرِيقَك إلى الله
حتّى لَو بتِزحَف" ..
مقصِّر فالصلاة ؟ ..
إفضل صَلَّيْ حتى لو مقصر بس مَتقطعْهاش ،
حجابك مش كامل ؟ ..
خليكِ عليه وحاولي تحسني من نفسِك بس متقلعيهوش ،
بتقرأ قرآن بشكل متقطع ؟ ..
أفضل اقرأ لكن ما تهجروا خالص ..
وهٰكذا في كل العِبادات.
ابن القيم بيقول :
(لا يَزالُ المَرءُ يُعانِي من الطّاعة حتى يَألفها ويُحِبها ..
فَيُقيّض الله لَهُ ملائِكةً تؤُزُّهُ إليها أزّاً ..
تُوقظُه من نومِهِ إليها ومن مَجلسه إليْها) ..
((والذين جاهَدُوا فِينا لنَهدِينهُم سُبلَنا))
إذا رأى منك -
جل وعلا-
صدق الإِقبال عليه والإصرار على الطاعة
لن يتركك وسيكون لك عونا وسندا..
وتذَّكر دائِماً
قول الله -جل وعلا
في الحديث القُدسي :
"(( . ومن تقَرَّب إليَّ شِبراً تقَرَّبتُ منْه ذِراعاً، ومَنْ تقَرَّب مني ذِراعاً تقَرَّبت مِنْه باعاً، ومن أَتاني يَمْشِي أتَيتُهُ هرْوَلَة)).
- استمسك بالعبادة ولو كنت مقصر .. !
- استعن بالله ولاتعجز !
••••••••••
•••••••••
وما بعد الموعظة إلا التذكرة
مع رسول الله
علمني رسول الله ان
لله في دهره لنفحات
واللقاء265
التقي ان شاء الله
2/8/2019
●●●●●●●
العنصر الأول
خصوصية أمة محمد بنفحات وبركات
عباد الله:
من فضل الله تعالي على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن جعل لهم مواسم للطاعات تتضاعف فيها الحسنات،
وترفع فيها الدرجات،
ويغفر فيها كثير من المعاصي والسيئات،
فالسعيد من اغتنم هذه الأوقات وتعرض لهذه النفحات،
ومن هذه النفحات
العشر الأوائل من ذي الحجة،
فقد أخرج البخاري
عن ابن عباس،
قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم
” ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللَّهِ
من هذِهِ الأيَّام
يعني أيَّامَ العشرِ ،
قالوا :
يا رسولَ اللَّهِ ،
ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ ؟
قالَ :
ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ ،
إلَّا رَجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ ،
فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ .”
لهذا حثنا صلى الله عليه وسلم
على اغتنام هذه النفحات
حيث قال:
” افْعَلوا الخَيْرَ دَهْرَكُمْ،
وتَعَرَّضُوا لِنَفَحاتِ رَحْمَةِ اللهِ،
فإنَّ للهِ نَفَحاتٍ من رحمتِهِ،
يُصِيبُ بِها مَنْ يَشَاءُ من عبادِهِ،
وسَلوا اللهَ أنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ،
وأنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ “
( أخرجه ابن أبي الدنيا والطبراني بسند صحيح) ،
ولو نظرنا إلى أعمار الأمم السابقة لوجدنا أنهم كانوا يعيشون المئات بل الآلاف من السنين، فهذا نوح عليه السلام لبث في قومه 950 سنة،
قال تعالى:
{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ
فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً
فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ}
( العنكبوت: 14)،
فلو قارنت عمرك وحسبت صلاتك وصومك وزكاتك وجميع أعمالك في عمرك الذي يتراوح بين الستين والسبعين،
كما قال
صلى الله عليه وسلم:
” أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين،
وأقلهم من يجوز ذلك”
( ابن ماجة والبيهقي والترمذي والحاكم وصححه)
فكم تكون أعمالك بين هذه الأعمار المديدة؟؟!! وقد أخبرنا
صلى الله عليه وسلم بذلك،
فقد أخرج البخاري
عن أبي هريرة رضي الله عنه،
عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
” خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ……
فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ .”،
فالله زاد الأمم الماضية
بسطة في الجسم والعمر،
وما زال الخلق يقصر طولاً وعرضاً وعمراً
حتى الآن،
لذلك خص الله هذه الأمة بنفحات
تتمثل في أوقات قليلة
تشمل
فضائل ورحمات غزيرة
حتى تلحق هذه الأمة غيرها
من الأمم في
الأجر والفضل والثواب.
ومن ذلك كثرة الأجر
مع قلة العمل
وقصر الوقت:
فقد أخرج البخاري
عن ابن عمر
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال
:” مثلُكم ومثلُ أهلِ الكتابين ،
كمثلِ رجلٍ استأَجَرَ أُجَراءَ ،
فقال :
مَن يَعْمَلُ لي
مِن غُدْوَةٍ إلى نصفِ النهارِ على قيراطٍ ؟
فعَمِلَتِ اليهودُ ،
ثم قال :
مَن يَعْمَلُ لي
مِن نصفِ النهارِ إلى صلاةِ العصرِ على قيراطٍ ؟
فعَمِلَتِ النصارى ،
ثم قال :
مَن يَعْمَلُ لي
مِن العصرِ إلى أن تَغِيبَ الشمسُ على قيراطين ؟
فأنتم هم ،
فغَضِبَتِ اليهود والنصارى !
فقالوا :
ما لنا أكثرَ عملًا وأقلَّ عطاءً ؟
قال :
هل نَقَصْتُكم مِن حقِّكم ؟
قالوا : لا ،
قال :
فذلك فضلي أُوتيه مَن أشاءُ . ”
، فمضاعفة الأجر مع
قلة العمل
وقصر الوقت،
خصوصية لأمة محمد
صلى الله عليه وسلم.
ومن هذه النفحات – !!
صيام يوم عرفه ويوم عاشوراء:
فصيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين؛
وصيام يوم عاشوراء يكفر ذنوب سنة؛
وفي ذلك
يقول صلى الله عليه وسلم
:” صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ
أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ
يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ؛
وَصِيَامُ يَوْمِ
عَاشُورَاءَ
أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ
يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ.”
( مسلم).
.
كل هذه النفحات
جعلت أمة محمد صلى الله عليه وسلم –
مع قصر أعمارها –
تسبق جميع الأمم السابقة يوم القيامة،
مع أنهم قبلنا في الدنيا؛
كما بشرنا نبينا صلى الله عليه وسلم
بذلك،
فقد أخرج البخاري
عن أبي هريرة –
رضي الله عنه –
أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
” نحن الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَومَ القِيامَةِ ،
بَيْدَ أنَّهُمْ أُوتُوا الكِتابَ من قَبلِنا “،
.
أيها الإخوة المسلمون:
إن من أعظم نفحات أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الإطلاق
( عشر ذي الحجة )
فها نحن نعيش في هذه الأيام مواسم الخيرات والطاعات التي أكرمنا بها رب الأرض والسماوات، وهذه هبات ربانية لا تكون إلا للأمة المحمدية؛
أمة العمل القليل والأجر الكبير
والفضل العظيم،
لتحمد الله أن جعلك من أمة محمد صلى الله عليه وسلم:
وممــــــا زادني فخـــــــــراً وتيهـــــــاً
وكـــــدت بأخمــــــــــصي أطــــأ الثــــــــــريـا
دخولي تحت قولك يا عبادي
وأن صــــــــــــــــــــــــــــــــــــيَّرت أحمد لي نبيـــــــاً
فالحمد لله الذي
أنعم على الأمة المحمدية
بمواسم الطاعات
وميادين الخيرات،
وساحات المغفرة والرحمات ،
حيث
يتسابقون فيها إلى رضوانه،
ويتنافسون فيما يقربهم من فضله وإحسانه،
وهذه المواسم
منحة ومنة من الله تعالى على عباده؛
لأن العمل فيها قليل
والأجر والثواب جزيل،
وهى والله فرصة عظيمة
لا يحرم خيرها إلا محروم،
ولا يغتنمها إلا مَن وفَّقهُ الله.
●●●●●●●
العنصر الثاني:
خصائص وفضائل عشر ذي الحجة
أولاً:
أن الله تعالى أقسم بها:
وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم،
قال تعالى:
{ وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ }،
ثانيا
قال تعالى:
{ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ
عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ }
( الحج : 28)
ثالثاً:
شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم لها بأنها أفضل أيام الدنيا:
فعن جابر رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
” أفضل أيام الدنيا أيام العشر
يعني عشر ذي الحجة
قيل:
ولا مثلهن في سبيل الله؟
قال:
ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب”
( أخرجه البزار وابن حبان بسند حسن)،
ولذلك فإن العمل الصالح فيها
أحب إلى الله تعالي منه في بقية العام،
قال ابن كثير:
” وبالجملة..
فهذه العشر أفضل أيام السنة
كما نطق به الحديث،
وفضلها
رابعا
أن الله أكمل فيها الدين وأتم علينا النعمة:
ففي يوم عرفه
كمل الدين
ونزل قوله تعالى :
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}
( المائدة : 3 )،
وقد جاء رجل من اليهود
إلى عمر بن الخطاب –
رضي الله عنه –
فقال:
يا أمير المؤمنين،
إنكم تقرءون آية في كتابكم،
لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا.
قال:
وأي آية؟
قال قوله
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي }
فقال عمر:
والله إني لأعلم اليوم
الذي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم،
والساعة التي نزلت فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم،
نزلت عَشية عَرَفَة
في يوم جمعة.
وكأن الله جعل عيد الفطر
لبداية نزول القرآن في رمضان،
وعيد الأضحى لإكمال الدين في فريضة الحج،
فكان نزول القرآن بدايةً ونهايةً
مقروناً بفريضتين عظيمتين
هما:
( الصيام والحج )
وعيدين سعيدين هما:
( الفطر والأضحى ).
●●●●●●●●●●
العنصر الثالث
عشر وصايا
أحببت أن أهديكم إياها في هذه العشر
حتى نغتنمها
ونكون من الفائزين فيها
وتتمثل فيما يلي:
أولا
التوبة الصادقة
فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله،
ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة،
يقول تعالى:
{ وَتُوبُواإِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
[النور:31].
ثانياً
إصلاح ذات البين
فعلى كل مسلم متخاصم أو متشاحن مع أخيه المسلم؛
أن يبادر بإصلاح ذات البين
حتى ترفع الأعمال؛
لذلك أخبرنا
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
في أحاديث كثيرة
أن الشحناء والبغضاء والخصام
سبب لمنع المغفرة والرحمات،
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ
:” تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ
يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ
فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا
إِلَّا رَجُلًا
كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ
فَيُقَالُ:
أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا
أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا
أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا”.
(مسلم)
وبين صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أن الخصام والشحناء
يحلق الحسنات
بل الدين كله
فقال:
” دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ
الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ،
هِيَ الْحَالِقَةُ
لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ
وَلَكِنْ
تَحْلِقُ الدِّينَ،
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ
حَتَّى تُؤْمِنُوا
وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا
أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَالكُمْ لَكُمْ
أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ “
[ أحمد والبيهقي والترمذي ]
فبادر أنت بالخير
إذا أعرض عنك أخوك وكن أنت الأخير ،
فعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ:
” لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ
يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ
يَلْتَقِيَانِ
فَيُعْرِضُ هَذَا
وَيُعْرِضُ هَذَا
وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ”
(متفق عليه)
ثالثاً
العزم الجاد على اغتنام هذه الأيام :
فينبغي على المسلم أن يحرص حرصاً شديداً على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة،
ومن عزم على شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل،
ومن صدق الله صدقه الله،
قال تعالى:
{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا
وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}.
(العنكبوت: 69) .
رابعاَ
البعد عن المعاصي:
فكما أن الطاعات أسباب الود القرب من الله تعالى؛ فالمعاصي سبب البعد والطرد ،
وفي الحديث
عن أبي هريرة رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال :
” إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ وَغَيْرَةُ اللَّهِ
أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ.”
( متفق عليه) .
كما أن ارتكاب المعاصي في هذا الشهر الحرام ظلم للنفس ؛
قال ابن كثير في تفسيره:
” نهى الله تعالى عن الظلم
في الأشهر الحرم،
وإن كان في جميع السنة منهيًا عنه،
إلا أنه في الأشهر الحرم آكَدُ؛
ولهذا قال:
{ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ
ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ
فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ }
[التوبة: 36]،
وقال في الحرم:
{ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } [الحج: 25] .”أ.ه
خامساً
المحافظة على الصلاة :
وهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً، ولهذا يجب على المسلم المحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة، وعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام،
فإنها من أفضل القربات،
وبها تنال محبة رب الأرض والسماوات؛
فقد
قال
النبي صلى الله عليه وسلم
فيما يرويه عن ربه:
” وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ .”
[ البخاري].
سادساً
التكبير والتحميد والتهليل والذكر:
فعن ابن عمر رضي الله عنهما
عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
” ما من أيام أعظم عند الله
ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن
من التهليل والتكبير والتحميد)
[ أحمد].
وقال البخاري
” كان ابن عمر وأبو هريرة
رضي الله عنهما
يخرجان إلى السوق في أيام العشر
يكبران ويكبر الناس بتكبيرها.
وقال:
وكان عمر يكبر في قبته بمنى
فيسمعه أهل المسجد فيكبرون،
ويكبر أهل الأسواق
حتى ترتج منى تكبيراً.
وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام
وخلف الصلوات
وعلى فراشه،
وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه
تلك الأيام جميعاً.”أ.ه
سابعاً
الصدقة :
وهي من جملة الأعمال الصالحة
التي يستحب للمسلم الإكثار منها في هذه الأيام،
وقد حث الله عليها
فقال:
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ
وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
[البقرة:254]،
وقال
صلى الله عليه وسلم:
” مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ.”
[ مسلم].
ثامناً
صيام التسع ومنها يوم عرفة:
فالصيام
يدخل في جنس الأعمال الصالحة،
بل هو من أفضلها،
وقد أضافه الله إلى نفسه لعظم شأنه وعلو قدره، فقال سبحانه
في الحديث القدسي:
” كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ
فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ .”
[متفق عليه].
وعليه فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة،
لأن النبي صلى الله عليه وسلم
حث على العمل الصالح فيها؛
وقد ذهب إلى استحباب صيام العشر
الإمام النووي
وقال:
صيامها مستحب استحباباً شديداً.
وقد روي
عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
قالت :
” كان النبي صلى الله عليه وسلم
يصوم تسع ذي الحجة،
ويوم عاشوراء،
وثلاثة أيّام من كل شهر.”
( أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم)،
وقد جاءت أحاديث كثيرة
في فضل يوم عرفة وصيامه
وهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه،
منها ما روي عائشة ـ رضي الله عنها
ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
” ما من يوم أكثر من
أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة،
وإنه ليدنو
ثم يباهي الملائكة
فيقول:
ما أراد هؤلاء”
( مسلم )،
وقد ذكرنا في عنصرنا الأول أن صيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين.
تاسعاً
الأضحية:
وهي من أفضل أعمال يوم النحر ،
وهي سنة مؤكدة ؛
بل أوجبها الإمام أبو حنيفة على القادر؛
وهذا كله لفضلها ومكانتها في التراحم والتكافل؛
فعن عائشة قالت :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” ما عمل ابن آدم من عمل يوم النحر
أحب إلى الله من إهراق الدم،
وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها،
وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض فيطيبوا بها نفسا “
( أخرجه الترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه)،
ويستحب للمضحي أن
يمسك عن شعره وأظفاره
لما روى مسلم
عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال :
” إذا رأيتم هلال ذي الحجة
وأراد أحدكم أن يضّحي فليمسك عن شعره وأظفاره ”
ولعل ذلك تشبهاً
بمن يسوق الهدي،
فقد قال
الله تعالى:
{ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّه}
( البقرة : 196)،
وهذا النهي يخص صاحب الأضحية ولا يعم الزوجة ولا الأولاد؛ إلا إذا كان لأحدهم أضحية تخصه، وإذا نوى الأضحية أثناء العشر أمسك عن ذلك من حين نيته ولا أثم عليه فيما أخذه قبل النية.
أيها المسلمون:
لقد أكد الشارع الحكيم على سعادة وفرحة الفقراء في العيدين الكريمين
وإدخال السرور عليهم ؛
ففي عيد الفطر
فرضت زكاة الفطر
طعمة للفقراء والمساكين
وإغناءً لهم عن السؤال
في هذا اليوم ؛
فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ:
” فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ –
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –
زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ.”
( أبو داود وابن ماجة ).
وفي عيد الأضحى
شرعت الأضحية
وأصبحت سنة مؤكدة؛
ومن الفقهاء من أوجبها على القادر لأهميتها وفضلها:
لما فيها من إغناءٍ وإطعامٍ للفقراء
وإدخال البهجة والسرور عليهم
في هذا اليوم ؛
فإن فيهم من لا يأكل هذا اللحم
من العام إلى العام؛
وهذا تنفيذ لأمر الله المكرر والمؤكد في القرآن ؛ حيث قال المولى –
جل في علاه –
عن الأضاحي:
{ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ }
(الحج: 28) .
وقال:
{ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ }
( الحج: 36 ).
وإخيرا
عاشراً
صدق النية مع الله:
فعن أبي كبشة الأنماري –
رضي الله عنه –
أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
” إنما الدنيا لأربعة نفر :
عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه ويصل رحمه ويعمل لله فيه بحقه
فهذا بأفضل المنازل ،
وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً
فهو صادق النية
ويقول :
لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان
فأجرهما سواء ،
وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً
فهو يتخبط في ماله بغير علم
لا يتقي فيه ربه
ولا يصل فيه رحمه
ولا يعمل فيه بحق
فهذا بأخبث المنازل،
وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علماً
فهو يقول :
لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان
فهو ونيته
فوزرهما سواء”
( الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح)،
فنية العبد خيرٌ من عمله،
فقد يحج ولا يقبل منه لسوء نيته،
وقد لا يحج ويكتب له أجر حجة وعمرة تامتين تامتين لصدق نيته،
لذلك جاء
أول حديث في البخاري
” إنما الأعمال بالنيات “.
فإذا كان الحج قد فاتك
فإن أفعال الخير لا تفوتك
فتلحق بركب الحجيج ،
الخطبة الثانية
●●●●●●●
واختم
وما أجمل مقولة أحد السلف
وهي رسالة لنا جميعا
الان
” من فاته في هذا العام القيام بعرفة
فليقم لله بحقه الذي عَرَفَه،
ومن عجز عن المبيت بمزدلفة،
فليُبيِّت عزمه على طاعة الله وقد قرَّبه وأزلفه ،
ومن لم يقدر على نحر هديه بمنى
فليذبح هواه هنا وقد بلغ المُنى ،
ومن لم يصلْ إلى البيت لأنه منه بعيد
فليقصد رب البيت
فإنه أقرب إليه من حبل الوريد”.
وهناك أعمال أخرى
يستحب الإكثار منها في هذه الأيام
بالإضافة إلى ما ذكر،
نذكر منها على وجه التذكير
ما يلي:
قراءة القرآن وتعلمه ـ
والاستغفار ـ
وبر الوالدين ـ
وصلة الأرحام والأقارب
ـ وإفشاء السلام
وإطعام الطعام
ــ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
ـ وحفظ اللسان والفرج ـ
والإحسان إلى الجيران
ـ وإكرام الضيف ـ
والإنفاق في سبيل الله
ـ وإماطة الأذى عن الطريق ــ
وكفالة الأيتام ـ
وزيارة المرضى
ـ وقضاء الحوائج ـ
وعدم إيذاء المسلمين ـ
والرفق بالرعية
ـ وصلة أصدقاء الوالدين ـ
وأداء الأمانات
والوفاء بالعهد
ـ وإغاثة الملهوف ـ
وغض البصر عن محارم الله
ـ وإسباغ الوضوء
ـ والدعاء بين الآذان والإقامة ـ
وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة
ـــ والحرص على صلاة العيد في المصلى
ـ والحرص على الكسب الحلال
ـ وإدخال السرور على المسلمين ــــ
والتعاون مع المسلمين فيما فيه خير.
فاحرص أخي المسلم على اغتنام هذه الأيام بالطاعات،
وأحسن استقبالها والعمل فيها قبل أن تفوتك فتندم، ولات ساعة مندم.
رزقنا الله وإياكم حج بيته الحرام.
نسأل الله العزيز الغفار
أن يغفر لنا وللمسلمين والمسلمات
وأن يردنا إليه رداً جميلاً
اللهم زين الإيمان في قلوبنا
وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان
واجعلنا من الراشدين
الدعاء
……..
وأقم الصلاة،،،،
إن لله في دهره لنفحات
واللقاء 265
التقي ان شاء الله
2/8/2019
●●●●●●●
الحمد لله رب العالمين
•••••••••••••••••
الحمد لله الذي
هدى بكتابه القلوب
و انزله
في أوجز لفظ
وأعجز أسلوب
فاعيت
بلاغته البلغاء
واعجزت
فصاحته الفصحاء
واسكتت
حكمته الحكماء
واذهلت
روعته الخطباء .
فهو
الحُجّة البالغة
والدلالة الدامغة
والنعمة الباقية
و العصمة الواقية
و هو
النور المبين
و الذكر الحكيم
و الصراط المستقيم
وهو شفاء الصدور
و الحكم العدل
فيما أحكم و تشابه من الامور .
•••••••••
•••••
•••
و اشهد ان لا اله الا الله
وحده لا شريك له
•••••••••••••••••
الذي نزل الفرقان على عبده
ليكون للعالمين نذيرا ،
القائل سبحانه
(وَ بِالحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ
وَ بِالحَقِّ نَزَلَ
وَ مَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَ نَذِيرًا)
الاسراء : ١٠٥
و القائل سبحانه :
( قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّ
لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلمَاتُ رَبِّي
وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا )
الكهف : ١٠٩
و اشهد انّ سيّدنا محمدا
عبده ورسوله
••••••••••••••••
و صفيّه من خلقه و خليله ،
أدّى الامانة
و بلّغ الرسالة
و نَصَح للامة
و كشف الله به الغمّة
و تَرَكَنا كالمَحَجَّة البيضاء
ليلها كنهارها
لايزيغ عنها الا هالك .
ولايتبعها الا كل منيب سالك
الذي خاطبه ربه جلاّ وعلا
في اول آيات انزَلَها على قلبه
بقوله سبحانه :
( اقْرَأْ
بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ
خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ
اقْرَأْ
وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ
الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ
عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ )
العلق : ١ـ٢ـ٣ـ٤ـ٥
و المخاطب من الله جل وعلا
بقوله :
(طه مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى
إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى
تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى
الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)
طه : ١ـ٢ـ٣ـ٤ـ٥
القائل
كما في الصّحيحين
من حديث ابي هريرة :
( ما من نبيّ من الانبياء الا أُعطيَ
ما مِثلُه آمَن عليه البشر ،
وكان الذي اوتيته وحيا اوحاه الله اليّ
فأرجو أن أكون اكثرَهُم تابعا يوم القيامة )
اللهم صل و سلم
و زد وبارك عليه
و على آله و اصحابه و احبابه و اتباعه
و على كل من اهتدى بهديه و استنّ بسنّته
و اقتفى اثره الى يوم الدين .
•••°••••°•°•°•°•••°•••••°°•
أما بعد:
اولا
الموعظة قبل التذكرة.
قال الله ﷻ
مخاطبا الصحابة
إِلاَّ تَنصُرُوهُ
عفَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ
إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ
{ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}
فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ
وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا
وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا
وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
..
قال الله ﷻ
ليعلمنا ويخبرنا وينبئنا
ان الهادي هو الله وحده.
﴿ وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ
ومن يضلل فلن تجد له وليا" مرشدا﴾
حينما يرى الله
إقبال قلبك عليه..
وجهاد نفسك من أجل رضاه..
يهديك إليه ..
﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا
وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾
هذا وعد ربك ..
فأقبل .!
أحبابي الكرام:,
الله عز وجل يتعامل مع أهل الإيمان
معاملة خاصة
حتي يقوموا بالمطلوب
ويحصلوا علي المقصود
من خلال ثلاث مراحل رئيسية
ذكرهم الله عز وجل في القرآن الكريم,
وأرجو من حضرتك التركيز لتعرف في أي مرحلة أنت من المراحل الثلاث؟؟؟
أولا
مرحلة الهدي البياني
يبين الله عز وجل لأهل الإيمان
كيفية الحصول علي الهداية
في قوله تعالي
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيْمِ
يٰأَيُّهَا الَّذِيْنَ اٰمَنُوْا
أَطِيْعُوا
اللّٰهَ وَرَسُوْلَهٗ
وَلَا تَوَلَّوْا
عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُوْنَ ٢٠
وَلَا تَكُوْنُوْا
كَالَّذِيْنَ قَالُوْا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُوْنَ ۚ٢١
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللّٰهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِيْنَ لَا يَعْقِلُوْنَ ٢٢
وَلَوْ عَلِمَ اللّٰهُ فِيْهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْۗ
وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُوْنَ ٢٣
ثم يؤكد الرحمن أين السبيل
لمن أراد النجاة من
الأبرار
يٰأَيُّهَا الَّذِيْنَ اٰمَنُوا
اسْتَجِيْبُوْا
لِلّٰهِ وَلِلرَّسُوْلِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيْكُمْۚ
وَاعْلَمُوْا أَنَّ اللّٰهَ يَحُوْلُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهٖ
وَأَنَّهٗ إِلَيْهِ تُحْشَرُوْنَ ٢٤
وَاتَّقُوْا
فِتْنَةً لَّا تُصِيْبَنَّ الَّذِيْنَ ظَلَمُوْا مِنْكُمْ خَاصَّةًۚ
وَاعْلَمُوْا
أَنَّ اللّٰهَ شَدِيْدُ الْعِقَابِ ٢٥
وَاذْكُرُوْا
إِذْ أَنْتُمْ قَلِيْلٌ مُّسْتَضْعَفُوْنَ فِى الْأَرْضِ تَخَافُوْنَ أَنْ يَّتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ
فَاٰوٰكُمْ وَأَيَّدَكُمْ
بِنَصْرِهٖ
وَرَزَقَكُمْ
مِنَ الطَّيِّبٰتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُوْنَ ٢٦
يٰأَيُّهَا الَّذِيْنَ اٰمَنُوْا
لَا تَخُوْنُوا
اللّٰهَ وَالرَّسُوْلَ
وَتَخُوْنُوْا
أَمٰنٰتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُوْنَ ٢٧
وَاعْلَمُوْا
أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌۙ
وَأَنَّ اللّٰهَ عِنْدَهٗ أَجْرٌ عَظِيْمٌ ؑ٢٨
وختم الآيات
بقوله تعالي
وَاعْلَمُوْا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌۙ وَأَنَّ اللّٰهَ عِنْدَهٗ أَجْرٌ عَظِيْمٌ
لاحظ:
أن الخطاب في الآية خاص بأهل الإيمان
( يا أيها الذين آمنوا )
فالله عز وجل يبين ويوضح لأهل الإيمان
أن الفوز كل الفوز
والنجاح كل النجاح
وتحصيل الهداية
وتحقيق المطلوب
والوصول إلي الموعود
في شيئا واحدا
ألا وهو
( الاستجابة والانقياد والامتثال
لأوامر الله عز وجل
بسنة الرسول صل الله عليه وسلم )
كن فطنا كيسا
وتذكر تحذير الإله
لك:
{ وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ }
وهنا السؤال:
هل أنت وانا استجبنا لله ولرسوله أم لا؟؟؟
إن كنت استجبت فأنت من أهل الإيمان ومن أهل الهداية ومن أهل النجاح والفلاح والفوز بالآخرة,
أما إن كنت لم تستجب لهذا البيان والنداء الرباني فالله عز وجل ينقلك للمرحلة الثانية
وهي:-
ثانيا
مرحلة الهدي التربوي التأديبي
إذا تركت المنهج
وما استجبت لله ولرسوله وتركت طريق الهداية,
فمن حب الله عز وجل لك
أنه يمهلك ويمن عليك بفرصة ثانية بالتربية والتأديب, كيف؟؟؟
قال تعالي:
( ولنذيقنهم
من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر
لعلهم يرجعون )
يجري الله عز وجل عليك بعض الأحوال والشدائد المخالفة للنفس لعلك ترجع,
لعلك تتوب,
لعلك ترجع
وإن لم تستجب فهذا هو وعيدالله لنا جميعا
قال تعالى
محذرا.
(وَضَرَبَ
اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً
كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً
يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ
فَكَفَرَتْ
بِأَنْعُمِ اللَّهِ
فَأَذَاقَهَا
اللَّهُ لِبَاسَ
الْجُوعِ وَالْخَوْفِ
بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)
•••••••••••
فاجتهدوا عباد الله في ترك المعاصي
مهما شق ذلك على أنفسكم ،
لان عذاب وعقاب الله في الآخرة
اقوي واشد
قال تعالى :
{ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}
︎︎︎︎︎
فيا أيها المسلمون :
خافوا على أنفسكم
وخافوا على أولادكم
وأغلقوا مجاري الشيطان
وانشغلوا بطاعة الرحمن ،
تعلموا دينكم
وأقبلوا على ربكم
واسألوه الهداية لكم ولأولادكم
فإن الله عزيز
لا يعجزه شئ في الأرض ولا في السماء
وقد وعد عباده الذين يجتهدون
في طلب النجاة
بالمعونة ..
قال تعالى :
{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا
وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ }
وقال سبحانه
{ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا
وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ }
فاجتهدوا في طاعة الله
بأداء الواجبات التي فرضها عليكم
وأداء حقوق الأولاد والأزواج
فإن الله سائل كل راعٍ عما استرعاه
حفظ أم ضيع .
أيها المسلمون :
انشغلوا بآخرتكم
وكفاكم لهو وغفلة وكسل
فإن الموت قريب
وبعد الموت بعث ونشوز
وحساب
وإما إلى جنة أو إلى نار .
لذا يدعونا
الإمام الشّافِعي
كان بيقول :
( سِيروا إلى الله عَرجى ومكاسير ،
ولا تنْتَظروا الصِّحة
فإن انْتِظار الصحَّة بطالة )
::::::::::
((والذين جاهَدُوا فِينا لنَهدِينهُم سُبلَنا))
ـ "كمِّل طَرِيقَك إلى الله
حتّى لَو بتِزحَف" ..
مقصِّر فالصلاة ؟ ..
إفضل صَلَّيْ حتى لو مقصر بس مَتقطعْهاش ،
حجابك مش كامل ؟ ..
خليكِ عليه وحاولي تحسني من نفسِك بس متقلعيهوش ،
بتقرأ قرآن بشكل متقطع ؟ ..
أفضل اقرأ لكن ما تهجروا خالص ..
وهٰكذا في كل العِبادات.
ابن القيم بيقول :
(لا يَزالُ المَرءُ يُعانِي من الطّاعة حتى يَألفها ويُحِبها ..
فَيُقيّض الله لَهُ ملائِكةً تؤُزُّهُ إليها أزّاً ..
تُوقظُه من نومِهِ إليها ومن مَجلسه إليْها) ..
((والذين جاهَدُوا فِينا لنَهدِينهُم سُبلَنا))
إذا رأى منك -
جل وعلا-
صدق الإِقبال عليه والإصرار على الطاعة
لن يتركك وسيكون لك عونا وسندا..
وتذَّكر دائِماً
قول الله -جل وعلا
في الحديث القُدسي :
"(( . ومن تقَرَّب إليَّ شِبراً تقَرَّبتُ منْه ذِراعاً، ومَنْ تقَرَّب مني ذِراعاً تقَرَّبت مِنْه باعاً، ومن أَتاني يَمْشِي أتَيتُهُ هرْوَلَة)).
- استمسك بالعبادة ولو كنت مقصر .. !
- استعن بالله ولاتعجز !
••••••••••
•••••••••
وما بعد الموعظة إلا التذكرة
مع رسول الله
علمني رسول الله ان
لله في دهره لنفحات
واللقاء265
التقي ان شاء الله
2/8/2019
●●●●●●●
العنصر الأول
خصوصية أمة محمد بنفحات وبركات
عباد الله:
من فضل الله تعالي على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن جعل لهم مواسم للطاعات تتضاعف فيها الحسنات،
وترفع فيها الدرجات،
ويغفر فيها كثير من المعاصي والسيئات،
فالسعيد من اغتنم هذه الأوقات وتعرض لهذه النفحات،
ومن هذه النفحات
العشر الأوائل من ذي الحجة،
فقد أخرج البخاري
عن ابن عباس،
قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم
” ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللَّهِ
من هذِهِ الأيَّام
يعني أيَّامَ العشرِ ،
قالوا :
يا رسولَ اللَّهِ ،
ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ ؟
قالَ :
ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ ،
إلَّا رَجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ ،
فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ .”
لهذا حثنا صلى الله عليه وسلم
على اغتنام هذه النفحات
حيث قال:
” افْعَلوا الخَيْرَ دَهْرَكُمْ،
وتَعَرَّضُوا لِنَفَحاتِ رَحْمَةِ اللهِ،
فإنَّ للهِ نَفَحاتٍ من رحمتِهِ،
يُصِيبُ بِها مَنْ يَشَاءُ من عبادِهِ،
وسَلوا اللهَ أنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ،
وأنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ “
( أخرجه ابن أبي الدنيا والطبراني بسند صحيح) ،
ولو نظرنا إلى أعمار الأمم السابقة لوجدنا أنهم كانوا يعيشون المئات بل الآلاف من السنين، فهذا نوح عليه السلام لبث في قومه 950 سنة،
قال تعالى:
{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ
فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً
فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ}
( العنكبوت: 14)،
فلو قارنت عمرك وحسبت صلاتك وصومك وزكاتك وجميع أعمالك في عمرك الذي يتراوح بين الستين والسبعين،
كما قال
صلى الله عليه وسلم:
” أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين،
وأقلهم من يجوز ذلك”
( ابن ماجة والبيهقي والترمذي والحاكم وصححه)
فكم تكون أعمالك بين هذه الأعمار المديدة؟؟!! وقد أخبرنا
صلى الله عليه وسلم بذلك،
فقد أخرج البخاري
عن أبي هريرة رضي الله عنه،
عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
” خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ……
فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ .”،
فالله زاد الأمم الماضية
بسطة في الجسم والعمر،
وما زال الخلق يقصر طولاً وعرضاً وعمراً
حتى الآن،
لذلك خص الله هذه الأمة بنفحات
تتمثل في أوقات قليلة
تشمل
فضائل ورحمات غزيرة
حتى تلحق هذه الأمة غيرها
من الأمم في
الأجر والفضل والثواب.
ومن ذلك كثرة الأجر
مع قلة العمل
وقصر الوقت:
فقد أخرج البخاري
عن ابن عمر
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال
:” مثلُكم ومثلُ أهلِ الكتابين ،
كمثلِ رجلٍ استأَجَرَ أُجَراءَ ،
فقال :
مَن يَعْمَلُ لي
مِن غُدْوَةٍ إلى نصفِ النهارِ على قيراطٍ ؟
فعَمِلَتِ اليهودُ ،
ثم قال :
مَن يَعْمَلُ لي
مِن نصفِ النهارِ إلى صلاةِ العصرِ على قيراطٍ ؟
فعَمِلَتِ النصارى ،
ثم قال :
مَن يَعْمَلُ لي
مِن العصرِ إلى أن تَغِيبَ الشمسُ على قيراطين ؟
فأنتم هم ،
فغَضِبَتِ اليهود والنصارى !
فقالوا :
ما لنا أكثرَ عملًا وأقلَّ عطاءً ؟
قال :
هل نَقَصْتُكم مِن حقِّكم ؟
قالوا : لا ،
قال :
فذلك فضلي أُوتيه مَن أشاءُ . ”
، فمضاعفة الأجر مع
قلة العمل
وقصر الوقت،
خصوصية لأمة محمد
صلى الله عليه وسلم.
ومن هذه النفحات – !!
صيام يوم عرفه ويوم عاشوراء:
فصيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين؛
وصيام يوم عاشوراء يكفر ذنوب سنة؛
وفي ذلك
يقول صلى الله عليه وسلم
:” صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ
أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ
يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ؛
وَصِيَامُ يَوْمِ
عَاشُورَاءَ
أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ
يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ.”
( مسلم).
.
كل هذه النفحات
جعلت أمة محمد صلى الله عليه وسلم –
مع قصر أعمارها –
تسبق جميع الأمم السابقة يوم القيامة،
مع أنهم قبلنا في الدنيا؛
كما بشرنا نبينا صلى الله عليه وسلم
بذلك،
فقد أخرج البخاري
عن أبي هريرة –
رضي الله عنه –
أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول:
” نحن الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَومَ القِيامَةِ ،
بَيْدَ أنَّهُمْ أُوتُوا الكِتابَ من قَبلِنا “،
.
أيها الإخوة المسلمون:
إن من أعظم نفحات أمة محمد صلى الله عليه وسلم على الإطلاق
( عشر ذي الحجة )
فها نحن نعيش في هذه الأيام مواسم الخيرات والطاعات التي أكرمنا بها رب الأرض والسماوات، وهذه هبات ربانية لا تكون إلا للأمة المحمدية؛
أمة العمل القليل والأجر الكبير
والفضل العظيم،
لتحمد الله أن جعلك من أمة محمد صلى الله عليه وسلم:
وممــــــا زادني فخـــــــــراً وتيهـــــــاً
وكـــــدت بأخمــــــــــصي أطــــأ الثــــــــــريـا
دخولي تحت قولك يا عبادي
وأن صــــــــــــــــــــــــــــــــــــيَّرت أحمد لي نبيـــــــاً
فالحمد لله الذي
أنعم على الأمة المحمدية
بمواسم الطاعات
وميادين الخيرات،
وساحات المغفرة والرحمات ،
حيث
يتسابقون فيها إلى رضوانه،
ويتنافسون فيما يقربهم من فضله وإحسانه،
وهذه المواسم
منحة ومنة من الله تعالى على عباده؛
لأن العمل فيها قليل
والأجر والثواب جزيل،
وهى والله فرصة عظيمة
لا يحرم خيرها إلا محروم،
ولا يغتنمها إلا مَن وفَّقهُ الله.
●●●●●●●
العنصر الثاني:
خصائص وفضائل عشر ذي الحجة
أولاً:
أن الله تعالى أقسم بها:
وإذا أقسم الله بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله، إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم،
قال تعالى:
{ وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ }،
ثانيا
قال تعالى:
{ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ
عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ }
( الحج : 28)
ثالثاً:
شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم لها بأنها أفضل أيام الدنيا:
فعن جابر رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
” أفضل أيام الدنيا أيام العشر
يعني عشر ذي الحجة
قيل:
ولا مثلهن في سبيل الله؟
قال:
ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب”
( أخرجه البزار وابن حبان بسند حسن)،
ولذلك فإن العمل الصالح فيها
أحب إلى الله تعالي منه في بقية العام،
قال ابن كثير:
” وبالجملة..
فهذه العشر أفضل أيام السنة
كما نطق به الحديث،
وفضلها
رابعا
أن الله أكمل فيها الدين وأتم علينا النعمة:
ففي يوم عرفه
كمل الدين
ونزل قوله تعالى :
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}
( المائدة : 3 )،
وقد جاء رجل من اليهود
إلى عمر بن الخطاب –
رضي الله عنه –
فقال:
يا أمير المؤمنين،
إنكم تقرءون آية في كتابكم،
لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا.
قال:
وأي آية؟
قال قوله
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي }
فقال عمر:
والله إني لأعلم اليوم
الذي نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم،
والساعة التي نزلت فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم،
نزلت عَشية عَرَفَة
في يوم جمعة.
وكأن الله جعل عيد الفطر
لبداية نزول القرآن في رمضان،
وعيد الأضحى لإكمال الدين في فريضة الحج،
فكان نزول القرآن بدايةً ونهايةً
مقروناً بفريضتين عظيمتين
هما:
( الصيام والحج )
وعيدين سعيدين هما:
( الفطر والأضحى ).
●●●●●●●●●●
العنصر الثالث
عشر وصايا
أحببت أن أهديكم إياها في هذه العشر
حتى نغتنمها
ونكون من الفائزين فيها
وتتمثل فيما يلي:
أولا
التوبة الصادقة
فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله،
ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة،
يقول تعالى:
{ وَتُوبُواإِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}
[النور:31].
ثانياً
إصلاح ذات البين
فعلى كل مسلم متخاصم أو متشاحن مع أخيه المسلم؛
أن يبادر بإصلاح ذات البين
حتى ترفع الأعمال؛
لذلك أخبرنا
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
في أحاديث كثيرة
أن الشحناء والبغضاء والخصام
سبب لمنع المغفرة والرحمات،
فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ
:” تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ
يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ
فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا
إِلَّا رَجُلًا
كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ
فَيُقَالُ:
أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا
أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا
أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا”.
(مسلم)
وبين صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أن الخصام والشحناء
يحلق الحسنات
بل الدين كله
فقال:
” دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ
الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ،
هِيَ الْحَالِقَةُ
لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ
وَلَكِنْ
تَحْلِقُ الدِّينَ،
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ
حَتَّى تُؤْمِنُوا
وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا
أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَالكُمْ لَكُمْ
أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ “
[ أحمد والبيهقي والترمذي ]
فبادر أنت بالخير
إذا أعرض عنك أخوك وكن أنت الأخير ،
فعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ:
” لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ
يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ
يَلْتَقِيَانِ
فَيُعْرِضُ هَذَا
وَيُعْرِضُ هَذَا
وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ”
(متفق عليه)
ثالثاً
العزم الجاد على اغتنام هذه الأيام :
فينبغي على المسلم أن يحرص حرصاً شديداً على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة،
ومن عزم على شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل،
ومن صدق الله صدقه الله،
قال تعالى:
{ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا
وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}.
(العنكبوت: 69) .
رابعاَ
البعد عن المعاصي:
فكما أن الطاعات أسباب الود القرب من الله تعالى؛ فالمعاصي سبب البعد والطرد ،
وفي الحديث
عن أبي هريرة رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال :
” إِنَّ اللَّهَ يَغَارُ وَغَيْرَةُ اللَّهِ
أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ.”
( متفق عليه) .
كما أن ارتكاب المعاصي في هذا الشهر الحرام ظلم للنفس ؛
قال ابن كثير في تفسيره:
” نهى الله تعالى عن الظلم
في الأشهر الحرم،
وإن كان في جميع السنة منهيًا عنه،
إلا أنه في الأشهر الحرم آكَدُ؛
ولهذا قال:
{ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ
ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ
فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ }
[التوبة: 36]،
وقال في الحرم:
{ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } [الحج: 25] .”أ.ه
خامساً
المحافظة على الصلاة :
وهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً، ولهذا يجب على المسلم المحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة، وعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام،
فإنها من أفضل القربات،
وبها تنال محبة رب الأرض والسماوات؛
فقد
قال
النبي صلى الله عليه وسلم
فيما يرويه عن ربه:
” وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ .”
[ البخاري].
سادساً
التكبير والتحميد والتهليل والذكر:
فعن ابن عمر رضي الله عنهما
عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
” ما من أيام أعظم عند الله
ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن
من التهليل والتكبير والتحميد)
[ أحمد].
وقال البخاري
” كان ابن عمر وأبو هريرة
رضي الله عنهما
يخرجان إلى السوق في أيام العشر
يكبران ويكبر الناس بتكبيرها.
وقال:
وكان عمر يكبر في قبته بمنى
فيسمعه أهل المسجد فيكبرون،
ويكبر أهل الأسواق
حتى ترتج منى تكبيراً.
وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام
وخلف الصلوات
وعلى فراشه،
وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه
تلك الأيام جميعاً.”أ.ه
سابعاً
الصدقة :
وهي من جملة الأعمال الصالحة
التي يستحب للمسلم الإكثار منها في هذه الأيام،
وقد حث الله عليها
فقال:
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ
وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
[البقرة:254]،
وقال
صلى الله عليه وسلم:
” مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ.”
[ مسلم].
ثامناً
صيام التسع ومنها يوم عرفة:
فالصيام
يدخل في جنس الأعمال الصالحة،
بل هو من أفضلها،
وقد أضافه الله إلى نفسه لعظم شأنه وعلو قدره، فقال سبحانه
في الحديث القدسي:
” كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ
فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ .”
[متفق عليه].
وعليه فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة،
لأن النبي صلى الله عليه وسلم
حث على العمل الصالح فيها؛
وقد ذهب إلى استحباب صيام العشر
الإمام النووي
وقال:
صيامها مستحب استحباباً شديداً.
وقد روي
عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
قالت :
” كان النبي صلى الله عليه وسلم
يصوم تسع ذي الحجة،
ويوم عاشوراء،
وثلاثة أيّام من كل شهر.”
( أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم)،
وقد جاءت أحاديث كثيرة
في فضل يوم عرفة وصيامه
وهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيه،
منها ما روي عائشة ـ رضي الله عنها
ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
” ما من يوم أكثر من
أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة،
وإنه ليدنو
ثم يباهي الملائكة
فيقول:
ما أراد هؤلاء”
( مسلم )،
وقد ذكرنا في عنصرنا الأول أن صيام يوم عرفة يكفر ذنوب سنتين.
تاسعاً
الأضحية:
وهي من أفضل أعمال يوم النحر ،
وهي سنة مؤكدة ؛
بل أوجبها الإمام أبو حنيفة على القادر؛
وهذا كله لفضلها ومكانتها في التراحم والتكافل؛
فعن عائشة قالت :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
” ما عمل ابن آدم من عمل يوم النحر
أحب إلى الله من إهراق الدم،
وإنه ليؤتى يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها،
وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع بالأرض فيطيبوا بها نفسا “
( أخرجه الترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه)،
ويستحب للمضحي أن
يمسك عن شعره وأظفاره
لما روى مسلم
عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال :
” إذا رأيتم هلال ذي الحجة
وأراد أحدكم أن يضّحي فليمسك عن شعره وأظفاره ”
ولعل ذلك تشبهاً
بمن يسوق الهدي،
فقد قال
الله تعالى:
{ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّه}
( البقرة : 196)،
وهذا النهي يخص صاحب الأضحية ولا يعم الزوجة ولا الأولاد؛ إلا إذا كان لأحدهم أضحية تخصه، وإذا نوى الأضحية أثناء العشر أمسك عن ذلك من حين نيته ولا أثم عليه فيما أخذه قبل النية.
أيها المسلمون:
لقد أكد الشارع الحكيم على سعادة وفرحة الفقراء في العيدين الكريمين
وإدخال السرور عليهم ؛
ففي عيد الفطر
فرضت زكاة الفطر
طعمة للفقراء والمساكين
وإغناءً لهم عن السؤال
في هذا اليوم ؛
فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
قَالَ:
” فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ –
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –
زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ.”
( أبو داود وابن ماجة ).
وفي عيد الأضحى
شرعت الأضحية
وأصبحت سنة مؤكدة؛
ومن الفقهاء من أوجبها على القادر لأهميتها وفضلها:
لما فيها من إغناءٍ وإطعامٍ للفقراء
وإدخال البهجة والسرور عليهم
في هذا اليوم ؛
فإن فيهم من لا يأكل هذا اللحم
من العام إلى العام؛
وهذا تنفيذ لأمر الله المكرر والمؤكد في القرآن ؛ حيث قال المولى –
جل في علاه –
عن الأضاحي:
{ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ }
(الحج: 28) .
وقال:
{ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ }
( الحج: 36 ).
وإخيرا
عاشراً
صدق النية مع الله:
فعن أبي كبشة الأنماري –
رضي الله عنه –
أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:
” إنما الدنيا لأربعة نفر :
عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه ويصل رحمه ويعمل لله فيه بحقه
فهذا بأفضل المنازل ،
وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً
فهو صادق النية
ويقول :
لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان
فأجرهما سواء ،
وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً
فهو يتخبط في ماله بغير علم
لا يتقي فيه ربه
ولا يصل فيه رحمه
ولا يعمل فيه بحق
فهذا بأخبث المنازل،
وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علماً
فهو يقول :
لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان
فهو ونيته
فوزرهما سواء”
( الترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح)،
فنية العبد خيرٌ من عمله،
فقد يحج ولا يقبل منه لسوء نيته،
وقد لا يحج ويكتب له أجر حجة وعمرة تامتين تامتين لصدق نيته،
لذلك جاء
أول حديث في البخاري
” إنما الأعمال بالنيات “.
فإذا كان الحج قد فاتك
فإن أفعال الخير لا تفوتك
فتلحق بركب الحجيج ،
الخطبة الثانية
●●●●●●●
واختم
وما أجمل مقولة أحد السلف
وهي رسالة لنا جميعا
الان
” من فاته في هذا العام القيام بعرفة
فليقم لله بحقه الذي عَرَفَه،
ومن عجز عن المبيت بمزدلفة،
فليُبيِّت عزمه على طاعة الله وقد قرَّبه وأزلفه ،
ومن لم يقدر على نحر هديه بمنى
فليذبح هواه هنا وقد بلغ المُنى ،
ومن لم يصلْ إلى البيت لأنه منه بعيد
فليقصد رب البيت
فإنه أقرب إليه من حبل الوريد”.
وهناك أعمال أخرى
يستحب الإكثار منها في هذه الأيام
بالإضافة إلى ما ذكر،
نذكر منها على وجه التذكير
ما يلي:
قراءة القرآن وتعلمه ـ
والاستغفار ـ
وبر الوالدين ـ
وصلة الأرحام والأقارب
ـ وإفشاء السلام
وإطعام الطعام
ــ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
ـ وحفظ اللسان والفرج ـ
والإحسان إلى الجيران
ـ وإكرام الضيف ـ
والإنفاق في سبيل الله
ـ وإماطة الأذى عن الطريق ــ
وكفالة الأيتام ـ
وزيارة المرضى
ـ وقضاء الحوائج ـ
وعدم إيذاء المسلمين ـ
والرفق بالرعية
ـ وصلة أصدقاء الوالدين ـ
وأداء الأمانات
والوفاء بالعهد
ـ وإغاثة الملهوف ـ
وغض البصر عن محارم الله
ـ وإسباغ الوضوء
ـ والدعاء بين الآذان والإقامة ـ
وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة
ـــ والحرص على صلاة العيد في المصلى
ـ والحرص على الكسب الحلال
ـ وإدخال السرور على المسلمين ــــ
والتعاون مع المسلمين فيما فيه خير.
فاحرص أخي المسلم على اغتنام هذه الأيام بالطاعات،
وأحسن استقبالها والعمل فيها قبل أن تفوتك فتندم، ولات ساعة مندم.
رزقنا الله وإياكم حج بيته الحرام.
نسأل الله العزيز الغفار
أن يغفر لنا وللمسلمين والمسلمات
وأن يردنا إليه رداً جميلاً
اللهم زين الإيمان في قلوبنا
وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان
واجعلنا من الراشدين
الدعاء
……..
وأقم الصلاة،،،،
الشيخ حسنى شتيوى- Admin
- عدد المساهمات : 415
تاريخ التسجيل : 17/09/2010
مواضيع مماثلة
» علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم ان اصحابه هم مصابيح الهدي لمن أرادوا أن يهتدوا واللقاء 279 التقي ان شاء الله 8/11/2019
» وصية الحبيب النبي كن تقى هاكذا علمني رسول الله واللقاء 250 التقي ان شاء الله 17/5/2019 الجمعة الثانية من رمضان 1440 ان شاء الله
» علمني رسول الله ان الصحبة سبيل النجاة واللقاء 267 التقي ان شاء الله 22/8/2019 إن شاء الله
» علمني رسول الله ان الهجرة الي الله بالقلوب والأعمال سبيلا للايمان واللقاء 268 التقي ان شاء الله 30/8/2019
» علمني رسول الله ان الشهيد من ربه قريب واللقاء 273 التقي ان شاء الله 4/10/2019
» وصية الحبيب النبي كن تقى هاكذا علمني رسول الله واللقاء 250 التقي ان شاء الله 17/5/2019 الجمعة الثانية من رمضان 1440 ان شاء الله
» علمني رسول الله ان الصحبة سبيل النجاة واللقاء 267 التقي ان شاء الله 22/8/2019 إن شاء الله
» علمني رسول الله ان الهجرة الي الله بالقلوب والأعمال سبيلا للايمان واللقاء 268 التقي ان شاء الله 30/8/2019
» علمني رسول الله ان الشهيد من ربه قريب واللقاء 273 التقي ان شاء الله 4/10/2019
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى