بادِرْ قَبْلَ أَنْ تُبَادَرْ
صفحة 1 من اصل 1
بادِرْ قَبْلَ أَنْ تُبَادَرْ
بادِرْ قَبْلَ أَنْ تُبَادَرْ
الحمد لله رب العالمين
صاحب الرضى المرغوب والعذاب المرحوم
الحمد لله الذى
ارسل الرياح بقدرته فمنها الساكن ومنها الهبوب
الحمد لله الذى
قسم الارزاق بمشيئته فمنهم ممنوحا ومسلوب
الحمد لله الذى
ينادى بلسان العظمة والكبرياء فيقول
(ولقد خلقنا السماوات والارض فى ستة ايام وما مسنا من لغوب)
سبحانه
يعفوا ويصفح ويستر العيوب
سبحانه
يعطى ويرضى ويحقق المطلوب
سبحانه
يطعم ويسقى ويفرج الكروب
سبحانه
يضل من يشاء ويهدى من يشاء وهوعلام الغيوب
واشهدوان لااله الاالله وحده لاشريك له
شهدة بوحدانيته الكواكب فى شروقها والغروب
يفعل مايشاء بقدرتة
ويتحكم فى الامور بعظمته
فلاراد لحكمة ولامعقبالامره
يابن ادم
دع الايام تفعل ماتشاء وطب نفسا اذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالى فما لحوادث الدنيا قضاء
وكن رجلا على المكائد جالدا وشيمتك السماحة والوفاء
واذا ما كنت ذا قلب سليما فانت ومالك الدنيا سواء
ومن نزلي بساحته المنايا فلا ارض تقيه ولاسماء
وارضى الله واسع ولكن اذا نزل القضاء ضاق الفضاء
واشهدو ان سيدنا وحبيبنا واستاذنا وقائدنا وعالمنا
ومعلمنا وهاديا وشفيعنا بين يدى الله محمد(ص)
صاحب المقام الموهوب
لايأكل الصدفات ولايرتكب الهفوات وخاتم النبوة بين كتفية مضروب
من اطاعه فقد اطاع الله ومن سلك طريقه فقد ارضاه ومن خالف امره فهو فى النار مكبوب
اول من يسجد على البساط واول من يجوز على الصراط والكل من هول الحساب مكروب
صاحب المفام الاسمى وصاحب الشفاعة العظمى واسمه على ابواب الجنة مكتوب
اللهم صلى وسلم عليه صلاة تفرج بها عنا الكروب وتنور بها بصائرنا والقلوب
فاتقوا الله عباد الله واعملوا بقوله تعالى
)يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
النساء آية 1
قصة تتكرر في كل يوم مرات ومرات
قصة طفل يولد فيفرح به أبواه ويسعد به أهله
ثم يحبو ويخطو بقدميه ثم يصبح صبيا يلعب ويمرح
ثم يضحى شابا قويا فتيا له أحلامه وطموحاته وأمانيه
وتمر الأيام حتى يمسي رجلا كبيرا له بيته وزوجته وأولاده
ثم تتعاقب عليه الأيام فيبيت شيخا هرما أو عجوزا كبيرة
ضعف السمع وقل البصر وفقدت الأسنان وثقل اللسان
وانحنى الظهر وامتلأ الرأس شيبا....
ثم ماذا ثم المصير المحتوم المكتوب علي كل صغير وكبير
ذكر وأنثي رجل وامرأة
ثم موت ثم قبر ثم حشر ثم حساب
ثم جنة أبد أو والعياذ بالله نار أبدا
هذه قصة مكرورة
فكم من مولود يولد في كل يوم مئات يولدون في كل يوم في العالم
وكم من ميت يقبر في كل يوم مئات
هذه هي قصة الحياة قصتك وقصتي بكل سهولة وبكل وضوح
نبهنا القرآن الكريم إلي هذه القصة فذكرها في تمثيل وتشبيه رائع نراه أيضا أمام أعيننا
{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ
كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا
وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ
وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}
[ الحديد :20]
هذه هي حقيقة الدنيا مثلها مثل الزرع الذي تزرعه ينبت ضعيفا نبتا صغيرا بورقة أو ورقتين
مثل الطفل تماما ثم يكبر ويكبر ويشتد ساقه حتى يأتي يوم الحصاد وقد ذبل واصفر وذهبت منه الحياة
هذه هي الحياة تفاخر بما نملك وبما نجمع ثم في الآخرة عذاب للمغرورين بهذه الزينة
ومغفرة من الله ورضوان لمن عرف أن الدنيا مُزَيَّنة فلم يغتر بها ولم يركن إليها
{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا *
الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}
[الكهف : 45،46]
الدنيا زينة نتزين بها وقتا ثم يزول أو نزول عنها ، والباقي هو ما نعمله من الصالحات ،
عند ربك هو الذي يحصيه لنا ويرعاه لنا حتى يوم نلقاه ينجينا به وبرحمته ربنا ،
حتى الأولاد لن ينفعوك في الآخرة إلي ما زرعت فيهم من الصالحات
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ *
إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}
التغابن[14- 15]
رحلة كد وتعب
{يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}
الإنشقاق [6]
أيها الأحبة ..
تلكم هي قصة الحياة التى نحياها،
ولكن ماذا عنا نحن؟
إن الموتى لو تكلموا لقالوا لنا
: تزودوا من هذه الدنيا بالعمل الصالح .. فإنها فرصة، وقد تكون الفرصة الأخيرة ..
إن الموتى لو بكوا، لم يبكوا من مجرد الموت! وإنما سيبكون من حسرة الفوت..
فقد تركوا دارا لم يتزودوا منها ، ودخلوا دارا لم يتزدوا لها،
(حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون، لعلي أعمل صالحا فيما تركت، كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون)
أيها الأحبة،
حين يحين الأجل، وينزل بنا الموت، هل سنلقى المولى وهو راض عنا،
أم أن ذنوبنا وجرائمنا ستحول دوننا ودون رحمته،
ووالله ثم والله، كم نحن مضطرون إلى عفوه ومغفرته .
عبد الله كان يقول..
استعد للموت قبل نزول الخطر ..
وتزود بالزاد قبل السفر ..
(وتزودوا فإن خير الزاد التقوى)
تزود من التقوى فانَّكَ لا تدري ،،،إذا جنَ ليلٌ هل تعيشُ إلى الفجر
فكم من صحيحٍ مات من غيْرِعلةٍ،،وكم من سقيمٍ عاشَ حينًا من الدهرِ
وكم من فتى يُمسي ويُصبحُ لاهيًا ،،وقد نُسجت أكفانهُ وهو لا يدري
وكم من ساكنٍ عندالصباحِ بقصرهِ،،وعندالمسا قدكان من ساكنِي القبرِ
فداوم على تقـوى الإلهِ فإنَّها ،، أمانٌ من الأهوالِ في موقفِ الحشرِ
والسؤال بعد ان علمنا حقيقة هذة الدنيا
هل احسنا فيها ليحسن لنا الله الاجرا والثواب بين يده؟
فالأيام التي نعدها هي تعدنا وتحصي علينا الأنفاس
نعم غرباءنحن فى سفر ولابد لنامن عودة يوما
نعم نحن في سفر
سفر إلي الدار الآخرة ونحن في هذه الدنيا غرباء
ليست أرضنا وليست مسكننا
وليست بلدنا إنما بلدنا الحقيقي هو الجنة التي سكنها من قبل أبونا آدم وأخرجه الشيطان منها
وإنا إليها راجعون إن شاء الله ،
فنحن في غربة ، مسافرون ، غرباء ،
كما بين ذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما –
قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَنْكِبِى فَقَالَ
« كُنْ فِى الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ » .
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ ،
وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ ،
وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ ،
وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ .
« وَعُدَّ نَفْسَكَ فِى أَهْلِ الْقُبُورِ»
البخاري وزاد الترمذي
فالدنيا محطة نتزود فيها للسفر ثم ننطلق إلي غايتنا إلي هدفنا إلي الله إلي الجنة
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ
نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَصِيرٍ فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِى جَنْبِهِ
فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً .
فَقَالَ
« مَا لِى وَمَا لِلدُّنْيَا مَا أَنَا فِى الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا » .
قَالَ وَفِى الْبَابِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ .
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وأحمد وابن ماجة وصححه الألباني .
ما هي إلا قنطرة ممر لا يجب أن ننشغل بها عن الأصل الدنيا قنطرة فالقنطرة نَعْبُرُهَا لا نَعْمُرُهَا
فهل تتخيل من يستظل بذل شجرة لساعة يبني ويعمر ويشيد وينسي أنه مسافر وكأنه مخلد فيها ؟
!فعاب القرآن علي المنشغلين بالقنطرة المتمسكين بالمحطة عن السفر الذي هو سبيل غايتهم يعيب علي من يظنون أنهم مخلدون ويبدو ذلك من أفعالهم
فيقول ربنا تبارك وتعالي
{ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2)
كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)
كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6)
ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (
التكاثر
يقرأ النبي صلي الله عليه وسلم هذه الآيات فيقول
عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
أَتَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْرَأُ ( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ )
قَالَ
« يَقُولُ ابْنُ آدَمَ مَالِى مَالِى –
قَالَ –
وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلاَّ
مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ
أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ
أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ »
« ومَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ »
. رواه مسلم وزاد في رواية
دَخَلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الشَّامَ فَقَالَ :
يَا أَهْلَ الشَّامِ اسْمَعُوا قَوْلَ أَخٍ نَاصِحٍ ،
فَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ فَقَالَ :
مَا لِي أَرَاكُمْ تَبْنُونَ مَا لَا تَسْكُنُونَ ، وَتَجْمَعُونَ مَا لَا تَأْكُلُونَ .
إنَّ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَكُمْ بَنَوْا مَشِيدًا ،
وَأَمَّلُوا بَعِيدًا ،
وَجَمَعُوا كَثِيرًا
فَأَصْبَحَ أَمَلُهُمْ غُرُورًا ،
وَجَمْعُهُمْ ثُبُورًا ،
وَمَسَاكِنُهُمْ قُبُورًا .
أدب الدنيا والدين
أيها المعتبرون اعتبروا بمن سبقكم يا من تبيعون الآخرة بدنيا غيركم اعلموا أن الدنيا تزول مع أول قدم في الآخرة
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
« يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ فِى النَّارِ صَبْغَةً
ثُمَّ يُقَالُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْراً قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ فَيَقُولُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ .
وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْساً فِى الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِى الْجَنَّةِ
فَيُقَالُ لَهُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْساً قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ
فَيَقُولُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِى بُؤُسٌ قَطُّ وَلاَ رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ »
رواه مسلم
إن من نظر إلي الدنيا بعين البصيرة أيقن
أن نعيمها ابتلاء
وحياتها عناء
حلالها حساب
وحرامه عقاب
جديدها يبلي
ومالها يفني
وعزيزها يذل
وكثيرها يقل
ودها يموت
وخيرها يفوت
نعم نعيمها ابتلاء
{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}
]الملك: 2 [
الدنيا بحياتها وموتها وبكل ما فيها للاختبار والامتحان
وبعد الامتحان حساب علي الحلال والحرام
عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ
عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ
« لاَ تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ
عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ
وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ
وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ
وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ »
.رواه الترمذي وصححه الألباني
يقولُ الحسنُ البصرِيُّ رحِمَهُ اللهُ: "
أدركتُ أقواماً لا يَفْرحونَ بشيءٍ مِنَ الدنيا أُوتُوه،
ولا يأسفونَ علَى شيءٍ مِنْها فاتَهم،
ولقَدْ كانَتِ الدنيا أهونَ عليهِم مِنَ الترابِ الذي يمشونَ عليهِ"،
وكانَ أحدُهم إذا بلغَ أربعينَ سنةً طوَى فِراشَه،
لا ينامُ مِنَ الليلِ إلا قليلاً،
يُصَلِّي ويُسبِّحُ ويَستغفرُ، لِيستدرِكَ ما مضَى مِنَ العمرِ،
وأدركتهم عاملين بكتاب ربهم وسنة نبيهم
إذا جنهم الليل فقيام على أطرافهم يفترشون وجوههم
تجرى دموعهم على خدودهم يناجون ربهم في فكاك رقابهم
إذا عملوا الحسنة فرحوا بها ودأبوا في شكرها وسألوا الله ان يتقبلها
وإذا عملوا السيئة أحزنتهم وسألوا الله تعالى أن يغفرها لهم
والله ما زالوا كذلك وعلى ذلك
ووالله ما سلموا من الذنوب ولا نجوا الا بالمغفرة
حتىَّ إنَّهم لَيَصدقُ فِيهم قولُ القائلِ:
إنَّ للهِ عِـبــاداً فُــطَنا … … طَلَّقُوا الدُّنيا وخافُوا الفِتَنا
نَظَرُوا فِيها فلمَّا عَلِمُوا … … أنَّها ليـسَـتْ لِـحَيٍّ سَكَنا
جعلوها لُجَّةً واتَّخذوا … … صَالحَ الأعــمالِ فِيها سُفُنَا
بادر قبل أن تبادر
هذا ليس معناه أن ترك الدنيا ونهملها ونعيش عالة علي غيرنا
أو أننا نحرم الحياة الدنيا وزينتها
ليس هذا هو المقصود ولكن عش وتمتع وكل واشرب وافعل ما بدا لك ما دام حلالا
ولكن اعمل حسابا ليوم الحساب تذكر الآخرة ع
يش في الدنيا عيشة الغريب الذي يتمتع ويأكل
ولكن يضع نصب عينيه هدفه وهو الآخرة جنة عرضها السموات والأرض
وغايته وهو الله عز وجل
وكما تعمل للدنيا بقدر بقائك فيها
فلا بد أن تعمل للآخرة بقد حياتك فيها
جَاءَ جِبْرِيلُ , عَلَيْهِ السَّلاَمُ , إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ،
فقَالَ :
يَا مُحَمَّدُ ، يَا مُحَمَّدُ ، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ ،
وَأَحْبِبْ مَنْ أَحْبَبْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ ،
وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ
ثُمَّ قَالَ :
يَا مُحَمَّدُ ، شَرَفُ الْمُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ ،
وَعِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ.
رواه الحاكم
ووافقه الذهبى ، ورواه البيهقى
، والخطيب ، وابن عساكر. وأبو نعيم فى الحلية وحسنه الألباني
عش وتمتع ولكن اعلم أن هناك آخرة حساب وعرض وصراط وكتب تتطاير وجنة ونار واعلم قيمة الدنيا التي هي فانية
عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذِى الْحُلَيْفَةِ
فَإِذَا هُوَ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ شَائِلَةٍ بِرِجْلِهَا فَقَالَ
« أَتُرَوْنَ هَذِهِ هَيِّنَةً عَلَى صَاحِبِهَا
فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى صَاحِبِهَا
وَلَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا قَطْرَةً أَبَدًا »
. رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن صحيح وصححه الترمذي
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ :
كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ
فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ :
يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ قَالَ :
« أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً » .
قَالَ فَأَىُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ قَالَ :
« أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْراً وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَاداً أُولَئِكَ الأَكْيَاسُ » .
( ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة )
ابن ماجة
حسن وحسنه الألباني
الكيس الذكي هو الذي يديم ذكر الموت ليعمل لهذا اليوم يوم موته
فيبادر بالصالحات قبل أن يبادره أجله قبل أن يبادره الموت فينهي عمله
ويختم علي كتابه فلا يستطيع أن يزد فيه حسنة
ولــدتــك أمـك يـا ابن أدم باكياً والناس حولك يضحكون سرورا
فاجهد لنفسـك أن تكون إذا بكوا في يـوم مـوتك ضاحكاً مسرورا
نسأل الله تبارك وتعالى الإخلاص في القول والعمل، والسرِّ والعلَن،
﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
[الصافات: 180 - 182]،
والصلاة والسَّلام على مَن:
بَـلَـغَ العُلَى بِـكَـمَـالِــهِ *** كَشَفَ الدُّجَى بِجَمَالِهِ
عَظُمَتْ جَمِيعُ خِصَالِـهِ *** صَـلُّــوا عَـلَـيْـهِ وَآلِ
ــهِالحمد لله رب العالمين
صاحب الرضى المرغوب والعذاب المرحوم
الحمد لله الذى
ارسل الرياح بقدرته فمنها الساكن ومنها الهبوب
الحمد لله الذى
قسم الارزاق بمشيئته فمنهم ممنوحا ومسلوب
الحمد لله الذى
ينادى بلسان العظمة والكبرياء فيقول
(ولقد خلقنا السماوات والارض فى ستة ايام وما مسنا من لغوب)
سبحانه
يعفوا ويصفح ويستر العيوب
سبحانه
يعطى ويرضى ويحقق المطلوب
سبحانه
يطعم ويسقى ويفرج الكروب
سبحانه
يضل من يشاء ويهدى من يشاء وهوعلام الغيوب
واشهدوان لااله الاالله وحده لاشريك له
شهدة بوحدانيته الكواكب فى شروقها والغروب
يفعل مايشاء بقدرتة
ويتحكم فى الامور بعظمته
فلاراد لحكمة ولامعقبالامره
يابن ادم
دع الايام تفعل ماتشاء وطب نفسا اذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالى فما لحوادث الدنيا قضاء
وكن رجلا على المكائد جالدا وشيمتك السماحة والوفاء
واذا ما كنت ذا قلب سليما فانت ومالك الدنيا سواء
ومن نزلي بساحته المنايا فلا ارض تقيه ولاسماء
وارضى الله واسع ولكن اذا نزل القضاء ضاق الفضاء
واشهدو ان سيدنا وحبيبنا واستاذنا وقائدنا وعالمنا
ومعلمنا وهاديا وشفيعنا بين يدى الله محمد(ص)
صاحب المقام الموهوب
لايأكل الصدفات ولايرتكب الهفوات وخاتم النبوة بين كتفية مضروب
من اطاعه فقد اطاع الله ومن سلك طريقه فقد ارضاه ومن خالف امره فهو فى النار مكبوب
اول من يسجد على البساط واول من يجوز على الصراط والكل من هول الحساب مكروب
صاحب المفام الاسمى وصاحب الشفاعة العظمى واسمه على ابواب الجنة مكتوب
اللهم صلى وسلم عليه صلاة تفرج بها عنا الكروب وتنور بها بصائرنا والقلوب
فاتقوا الله عباد الله واعملوا بقوله تعالى
)يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
النساء آية 1
قصة تتكرر في كل يوم مرات ومرات
قصة طفل يولد فيفرح به أبواه ويسعد به أهله
ثم يحبو ويخطو بقدميه ثم يصبح صبيا يلعب ويمرح
ثم يضحى شابا قويا فتيا له أحلامه وطموحاته وأمانيه
وتمر الأيام حتى يمسي رجلا كبيرا له بيته وزوجته وأولاده
ثم تتعاقب عليه الأيام فيبيت شيخا هرما أو عجوزا كبيرة
ضعف السمع وقل البصر وفقدت الأسنان وثقل اللسان
وانحنى الظهر وامتلأ الرأس شيبا....
ثم ماذا ثم المصير المحتوم المكتوب علي كل صغير وكبير
ذكر وأنثي رجل وامرأة
ثم موت ثم قبر ثم حشر ثم حساب
ثم جنة أبد أو والعياذ بالله نار أبدا
هذه قصة مكرورة
فكم من مولود يولد في كل يوم مئات يولدون في كل يوم في العالم
وكم من ميت يقبر في كل يوم مئات
هذه هي قصة الحياة قصتك وقصتي بكل سهولة وبكل وضوح
نبهنا القرآن الكريم إلي هذه القصة فذكرها في تمثيل وتشبيه رائع نراه أيضا أمام أعيننا
{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ
كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا
وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ
وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}
[ الحديد :20]
هذه هي حقيقة الدنيا مثلها مثل الزرع الذي تزرعه ينبت ضعيفا نبتا صغيرا بورقة أو ورقتين
مثل الطفل تماما ثم يكبر ويكبر ويشتد ساقه حتى يأتي يوم الحصاد وقد ذبل واصفر وذهبت منه الحياة
هذه هي الحياة تفاخر بما نملك وبما نجمع ثم في الآخرة عذاب للمغرورين بهذه الزينة
ومغفرة من الله ورضوان لمن عرف أن الدنيا مُزَيَّنة فلم يغتر بها ولم يركن إليها
{وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا *
الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}
[الكهف : 45،46]
الدنيا زينة نتزين بها وقتا ثم يزول أو نزول عنها ، والباقي هو ما نعمله من الصالحات ،
عند ربك هو الذي يحصيه لنا ويرعاه لنا حتى يوم نلقاه ينجينا به وبرحمته ربنا ،
حتى الأولاد لن ينفعوك في الآخرة إلي ما زرعت فيهم من الصالحات
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ *
إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}
التغابن[14- 15]
رحلة كد وتعب
{يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}
الإنشقاق [6]
أيها الأحبة ..
تلكم هي قصة الحياة التى نحياها،
ولكن ماذا عنا نحن؟
إن الموتى لو تكلموا لقالوا لنا
: تزودوا من هذه الدنيا بالعمل الصالح .. فإنها فرصة، وقد تكون الفرصة الأخيرة ..
إن الموتى لو بكوا، لم يبكوا من مجرد الموت! وإنما سيبكون من حسرة الفوت..
فقد تركوا دارا لم يتزودوا منها ، ودخلوا دارا لم يتزدوا لها،
(حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون، لعلي أعمل صالحا فيما تركت، كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون)
أيها الأحبة،
حين يحين الأجل، وينزل بنا الموت، هل سنلقى المولى وهو راض عنا،
أم أن ذنوبنا وجرائمنا ستحول دوننا ودون رحمته،
ووالله ثم والله، كم نحن مضطرون إلى عفوه ومغفرته .
عبد الله كان يقول..
استعد للموت قبل نزول الخطر ..
وتزود بالزاد قبل السفر ..
(وتزودوا فإن خير الزاد التقوى)
تزود من التقوى فانَّكَ لا تدري ،،،إذا جنَ ليلٌ هل تعيشُ إلى الفجر
فكم من صحيحٍ مات من غيْرِعلةٍ،،وكم من سقيمٍ عاشَ حينًا من الدهرِ
وكم من فتى يُمسي ويُصبحُ لاهيًا ،،وقد نُسجت أكفانهُ وهو لا يدري
وكم من ساكنٍ عندالصباحِ بقصرهِ،،وعندالمسا قدكان من ساكنِي القبرِ
فداوم على تقـوى الإلهِ فإنَّها ،، أمانٌ من الأهوالِ في موقفِ الحشرِ
والسؤال بعد ان علمنا حقيقة هذة الدنيا
هل احسنا فيها ليحسن لنا الله الاجرا والثواب بين يده؟
فالأيام التي نعدها هي تعدنا وتحصي علينا الأنفاس
نعم غرباءنحن فى سفر ولابد لنامن عودة يوما
نعم نحن في سفر
سفر إلي الدار الآخرة ونحن في هذه الدنيا غرباء
ليست أرضنا وليست مسكننا
وليست بلدنا إنما بلدنا الحقيقي هو الجنة التي سكنها من قبل أبونا آدم وأخرجه الشيطان منها
وإنا إليها راجعون إن شاء الله ،
فنحن في غربة ، مسافرون ، غرباء ،
كما بين ذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما –
قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَنْكِبِى فَقَالَ
« كُنْ فِى الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ » .
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ إِذَا أَمْسَيْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ ،
وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الْمَسَاءَ ،
وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ ،
وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ .
« وَعُدَّ نَفْسَكَ فِى أَهْلِ الْقُبُورِ»
البخاري وزاد الترمذي
فالدنيا محطة نتزود فيها للسفر ثم ننطلق إلي غايتنا إلي هدفنا إلي الله إلي الجنة
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ
نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَصِيرٍ فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِى جَنْبِهِ
فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْنَا لَكَ وِطَاءً .
فَقَالَ
« مَا لِى وَمَا لِلدُّنْيَا مَا أَنَا فِى الدُّنْيَا إِلاَّ كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا » .
قَالَ وَفِى الْبَابِ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ .
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وأحمد وابن ماجة وصححه الألباني .
ما هي إلا قنطرة ممر لا يجب أن ننشغل بها عن الأصل الدنيا قنطرة فالقنطرة نَعْبُرُهَا لا نَعْمُرُهَا
فهل تتخيل من يستظل بذل شجرة لساعة يبني ويعمر ويشيد وينسي أنه مسافر وكأنه مخلد فيها ؟
!فعاب القرآن علي المنشغلين بالقنطرة المتمسكين بالمحطة عن السفر الذي هو سبيل غايتهم يعيب علي من يظنون أنهم مخلدون ويبدو ذلك من أفعالهم
فيقول ربنا تبارك وتعالي
{ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2)
كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4)
كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (5) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (6)
ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7) ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (
التكاثر
يقرأ النبي صلي الله عليه وسلم هذه الآيات فيقول
عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
أَتَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقْرَأُ ( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ )
قَالَ
« يَقُولُ ابْنُ آدَمَ مَالِى مَالِى –
قَالَ –
وَهَلْ لَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مِنْ مَالِكَ إِلاَّ
مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ
أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ
أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ »
« ومَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ ذَاهِبٌ وَتَارِكُهُ لِلنَّاسِ »
. رواه مسلم وزاد في رواية
دَخَلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الشَّامَ فَقَالَ :
يَا أَهْلَ الشَّامِ اسْمَعُوا قَوْلَ أَخٍ نَاصِحٍ ،
فَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ فَقَالَ :
مَا لِي أَرَاكُمْ تَبْنُونَ مَا لَا تَسْكُنُونَ ، وَتَجْمَعُونَ مَا لَا تَأْكُلُونَ .
إنَّ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَكُمْ بَنَوْا مَشِيدًا ،
وَأَمَّلُوا بَعِيدًا ،
وَجَمَعُوا كَثِيرًا
فَأَصْبَحَ أَمَلُهُمْ غُرُورًا ،
وَجَمْعُهُمْ ثُبُورًا ،
وَمَسَاكِنُهُمْ قُبُورًا .
أدب الدنيا والدين
أيها المعتبرون اعتبروا بمن سبقكم يا من تبيعون الآخرة بدنيا غيركم اعلموا أن الدنيا تزول مع أول قدم في الآخرة
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
« يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ فِى النَّارِ صَبْغَةً
ثُمَّ يُقَالُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْراً قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ فَيَقُولُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ .
وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْساً فِى الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِى الْجَنَّةِ
فَيُقَالُ لَهُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْساً قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ
فَيَقُولُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِى بُؤُسٌ قَطُّ وَلاَ رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ »
رواه مسلم
إن من نظر إلي الدنيا بعين البصيرة أيقن
أن نعيمها ابتلاء
وحياتها عناء
حلالها حساب
وحرامه عقاب
جديدها يبلي
ومالها يفني
وعزيزها يذل
وكثيرها يقل
ودها يموت
وخيرها يفوت
نعم نعيمها ابتلاء
{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}
]الملك: 2 [
الدنيا بحياتها وموتها وبكل ما فيها للاختبار والامتحان
وبعد الامتحان حساب علي الحلال والحرام
عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ
عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ
« لاَ تَزُولُ قَدَمَا ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ
عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ
وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ
وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ
وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ »
.رواه الترمذي وصححه الألباني
يقولُ الحسنُ البصرِيُّ رحِمَهُ اللهُ: "
أدركتُ أقواماً لا يَفْرحونَ بشيءٍ مِنَ الدنيا أُوتُوه،
ولا يأسفونَ علَى شيءٍ مِنْها فاتَهم،
ولقَدْ كانَتِ الدنيا أهونَ عليهِم مِنَ الترابِ الذي يمشونَ عليهِ"،
وكانَ أحدُهم إذا بلغَ أربعينَ سنةً طوَى فِراشَه،
لا ينامُ مِنَ الليلِ إلا قليلاً،
يُصَلِّي ويُسبِّحُ ويَستغفرُ، لِيستدرِكَ ما مضَى مِنَ العمرِ،
وأدركتهم عاملين بكتاب ربهم وسنة نبيهم
إذا جنهم الليل فقيام على أطرافهم يفترشون وجوههم
تجرى دموعهم على خدودهم يناجون ربهم في فكاك رقابهم
إذا عملوا الحسنة فرحوا بها ودأبوا في شكرها وسألوا الله ان يتقبلها
وإذا عملوا السيئة أحزنتهم وسألوا الله تعالى أن يغفرها لهم
والله ما زالوا كذلك وعلى ذلك
ووالله ما سلموا من الذنوب ولا نجوا الا بالمغفرة
حتىَّ إنَّهم لَيَصدقُ فِيهم قولُ القائلِ:
إنَّ للهِ عِـبــاداً فُــطَنا … … طَلَّقُوا الدُّنيا وخافُوا الفِتَنا
نَظَرُوا فِيها فلمَّا عَلِمُوا … … أنَّها ليـسَـتْ لِـحَيٍّ سَكَنا
جعلوها لُجَّةً واتَّخذوا … … صَالحَ الأعــمالِ فِيها سُفُنَا
بادر قبل أن تبادر
هذا ليس معناه أن ترك الدنيا ونهملها ونعيش عالة علي غيرنا
أو أننا نحرم الحياة الدنيا وزينتها
ليس هذا هو المقصود ولكن عش وتمتع وكل واشرب وافعل ما بدا لك ما دام حلالا
ولكن اعمل حسابا ليوم الحساب تذكر الآخرة ع
يش في الدنيا عيشة الغريب الذي يتمتع ويأكل
ولكن يضع نصب عينيه هدفه وهو الآخرة جنة عرضها السموات والأرض
وغايته وهو الله عز وجل
وكما تعمل للدنيا بقدر بقائك فيها
فلا بد أن تعمل للآخرة بقد حياتك فيها
جَاءَ جِبْرِيلُ , عَلَيْهِ السَّلاَمُ , إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ،
فقَالَ :
يَا مُحَمَّدُ ، يَا مُحَمَّدُ ، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ ،
وَأَحْبِبْ مَنْ أَحْبَبْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ ،
وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ
ثُمَّ قَالَ :
يَا مُحَمَّدُ ، شَرَفُ الْمُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ ،
وَعِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ.
رواه الحاكم
ووافقه الذهبى ، ورواه البيهقى
، والخطيب ، وابن عساكر. وأبو نعيم فى الحلية وحسنه الألباني
عش وتمتع ولكن اعلم أن هناك آخرة حساب وعرض وصراط وكتب تتطاير وجنة ونار واعلم قيمة الدنيا التي هي فانية
عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ
كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذِى الْحُلَيْفَةِ
فَإِذَا هُوَ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ شَائِلَةٍ بِرِجْلِهَا فَقَالَ
« أَتُرَوْنَ هَذِهِ هَيِّنَةً عَلَى صَاحِبِهَا
فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ عَلَى صَاحِبِهَا
وَلَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَزِنُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا قَطْرَةً أَبَدًا »
. رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن صحيح وصححه الترمذي
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ :
كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ
فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ :
يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ قَالَ :
« أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً » .
قَالَ فَأَىُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ قَالَ :
« أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْراً وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَاداً أُولَئِكَ الأَكْيَاسُ » .
( ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة )
ابن ماجة
حسن وحسنه الألباني
الكيس الذكي هو الذي يديم ذكر الموت ليعمل لهذا اليوم يوم موته
فيبادر بالصالحات قبل أن يبادره أجله قبل أن يبادره الموت فينهي عمله
ويختم علي كتابه فلا يستطيع أن يزد فيه حسنة
ولــدتــك أمـك يـا ابن أدم باكياً والناس حولك يضحكون سرورا
فاجهد لنفسـك أن تكون إذا بكوا في يـوم مـوتك ضاحكاً مسرورا
نسأل الله تبارك وتعالى الإخلاص في القول والعمل، والسرِّ والعلَن،
﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
[الصافات: 180 - 182]،
والصلاة والسَّلام على مَن:
بَـلَـغَ العُلَى بِـكَـمَـالِــهِ *** كَشَفَ الدُّجَى بِجَمَالِهِ
عَظُمَتْ جَمِيعُ خِصَالِـهِ *** صَـلُّــوا عَـلَـيْـهِ وَآلِ
الشيخ حسنى شتيوى- Admin
- عدد المساهمات : 415
تاريخ التسجيل : 17/09/2010
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى