سحائب المغفرة
صفحة 1 من اصل 1
سحائب المغفرة
سحائب المغفرة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره،
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا،
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي الله.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
واشهد أن محمدا عبده ورسوله،
أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا،
وداعيا إلى الله بأذنه وسراجا منيرا.
(صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا)
أما بعد فأحييكم بتحية الإسلام،
بتحية من عند الله مباركة طيبة.
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم في بداية هذا اللقاء
أن يجعل اجتماعنا اجتماعا مرحوما وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما
وأن لا يجعل فينا ولا منا ولا معنا شقيا ولا محروما.
أيها الأحبة في الله:
من الذي يبسط يده في الليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده في النهار ليتوب مسيء الليل ؟
من الذي ينادي في كل ليلة هل من تائب فأتوب علية، هل من مستغفر فأغفر له ؟
من الذي ينادي: يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني لغفرتها لك ولا أبالي ؟
من الذي ينادي : يا عبادي إنكم تخطئون في الليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني اغفر لكم ؟
من الذي ينادي: ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
من الذي يرحم التائبين ويشملهم بعفوه ومغفرته وهو خير الغافرين ؟
من الذي عجت ببابه الأصوات فلهجت بالمعذرة والمسائل والحاجات فكان الله ولم يزل بها رحيما ؟
أيها الأحبة في الله:
يغفر الله للعبد ذنوبه ويستر له عيوبه،
يغفر الله وهو خير الغافرين،
ويرحم الله وهو أرحم الراحمين.
يغفر الله للعباد مغفرة لا تدع للعبد ذنبا صغيرا ولا كبيرا إلا محته،
وتلك المغفرة التامة، مغفرة لما تقدم وما تأخر غفرها الله لنبيه عليه الصلاة والسلام:
( لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً).
يغفر لله للعبد ذنبه فلا يبقي له خطيئة أبدا.
جاء عثمان رضي الله عنه وأرضاه إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
وهو يحمل الذهب والفضة، فصبها في حجر النبي (صلى الله عليه وسلم)
صدقة لوجه الله، فنزل الوحي على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)،
فأخذ الذهب بيديه، وقلبه بكفه فقال: ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم.
وجاء حاطب ابن أبي بلتعة فوقف على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
في قصته المشهورة وكتابه لأهل مكة، فقال عمر رضي الله عنه وأرضاه:
يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق.
فقال (صلى الله عليه وسلم):
دعه يا عمر،
وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال:
اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
يغفر الله للعبد مغفرة تامة كاملة فلا يبقي له ذنبا ولا خطيئة،
وبذلك يمشي على وجه الأرض مبشرا بالجنة.
يغفر الله للعبد ذنوبه فيرحمه إذا رحم خلقه:
مرت بغي من بغايا بني إسرائيل، كانت على المعاصي والفجور،
فمرت على كلب يلهث الثرى فانكسر قلبها وأرادت أن ترحمه،
فنزلت إلى البئر فملأت خفها ماء وسقت الكلب فشكر الله لها فغفر ذنوبها.
ومر رجل على غصن شوك في طريق المسلمين،
فلما رآه قال والله لأنحينه عن طريق المسلمين لا يؤذيهم،
فزحزحه عن طريقهم فزحزحه الله عن نار جهنم وغفرت ذنوبه.
الله أكبر إذا غفر الله لعبده، والله لا يُسأل عن أمره، ولا يعقّب في حكمه سبحانه وتعالى.
أيها الأحبة في الله،
يقف العبد بين يدي الله، يقف العبد بين يدي سيده ومولاه،
يناديه رباهُ رباه، يناديه بعد الذنوب والخطايا، والعيوب والرزايا.
وقد أقضت مضجعه وآلمته وأكربته فلم يجد ملجأ ومنجى إلا إلى الله،
فيقف بين يدي الله وقد أحزنته ذنوبه وأهمته عيوبه وأسرته خطاياه بعد أن ذهبت اللذة،
وانقضت الشهوة وأعقبها العذاب والهوان، وأصابته بلية المعصية:
من فقر في يديه.
وسوء في حاله.
ومرض في بدنه.
وأحاط به ضيق المعاصي.
آلمته وأقضت مضجعه ,أقلقلته، عندها نظر يمينا وشمالا.
فإذا بالنفس الأمارة بالسوء قد خذلته،
وإذا بالشيطان المريد قد خذله، فلم يجد إلا ربه لكي يقف بين يديه معتذرا،
ويقف بين يديه نادما تائبا منكسرا.
فينادي ربه من صميم قلبه وفؤاده،
وهو يعتقد أن لا أرحم من الله بخلقه.
ينادي ربه وهو على يقين أن الله أحلم وأرحم،
وأن الله أوفى وأكرم، وأنه وإن كانت ذنوبه كبيرة فالله أكبر من كل شيء،
وإن كانت عيوبه كثيرة فالله أرحم وهو الغفور الحليم.
فوقف بين يدي الله منكسرا،
أسيرا حسيرا كسيرا مؤمنا بربه موقنا برحمته،
فيناديه:
يا ربِ يا رب،
وإذا بالله جل جلاله لا ينظر إلى ما مضى من إساءته ولكن يفرح بإنابته وتوبته،
فتفتح أبواب السماوات وتصعد الكلمات والدعوات،
فتنتهي إلى ما شاء الله أن تنتهي،
فينادي أرحم الراحمين،
وينادي خير الغافرين:
يا ملائكتي علم عبدي أن له رب يأخذ بالذنب ويعفو عن الذنوب،
قد غفرتُ لعبدي.
وقد يكون العبد أبن ستين وسبعين فيغفر له في طرفة عين،
فيتولى الشيطان وهو يحثُ على نفسه التراب ويقول:
يا ويلي أغويته من ستين وسبعين وغفر له في طرفة عين.
فإذا غفرت الذنوب،
وسترت العيوب، وزالت الخطايا، فرح العبد بتوبة ربه عليه،
ورأى بشائر فضله وإحسانه أمامه وبين يديه،
رأى الكرم والجود، والحلم والرحمة فأزداد فرحا بالله،
وإنابة إلى الله، وثقة بالله جل جلاله، وأصبح لسان حاله يقول:
يا رب أسئت في ما مضى فأحسن لي في ما بقي من عمري،
وأحسن لي في ما بقي من أجلي.
فتغشته سحائب المغفرات،
وأفاض الله عليه جزيل وجميل الرحمات، ففتح في وجهه أبواب البر،
فانطلق ذلك العبد الموفق إلى أبواب الخير والطاعات فرحا بتوبة ربه عليه،
وإنابته وإحسانه إليه، فإذا أراد الله عز وجل أن يسعده أراه بدل له سيئاته حسنات.
الله أكبر،
إذا بدلت الذنوب، وبدلت الخطايا والعيوب،
بدلت حسنات من أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين وخير الغافرين سبحانه وتعالى.
أيها الأحبة في الله:
من بيننا وبين الله؟
من الذي بيننا وبين ربنا؟
ليس بيننا وبين الله أحد،
ليس بيننا وبين الله ترجمان ولا حجاب ولا جن ولا إنسان،
يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار.
يناديه العبد بالذنب لا يعلمه إلا هو سبحانه الرب،
فيستره ويرحمه في الدنيا والآخرة.
عن ابن عمر رضي الله عنهما
أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال:
إن الله يدني العبد يوم القيامة
ثم يلقي عليه كنفه ثم يكون في ستر
لا يسمع ما يقول إلا الله وحده لا شريك له فيقول له:
يا عبدي عملت كذا وكذا يوم كذا وكذا.
فيقول نعم يا رب.
فيقول عبدي عملت كذا وكذا يوم كذا وكذا.
فيقول نعم يا ربي،
حتى إذا كشفت العيوب وكشفت الذنوب،
وأشفق العبد على نفسه.
قال الحليم الرحيم،
عبدي سترتها عليك في الدنيا وها أنا أسترها عليك اليوم،
فيستره الله بستره، ويشمله بعفوه ومغفرته، ويدخله الجنة.
ليس بين العبد وبين الله أحد،
لا يستطيع أحد أن يحرمك من رحمة ربك،
ولا يستطيع أحد كائن من كان أن يقفل أبواب فضل الله عليك..
اختار الله منك الندم والشجى والحزن والألم على ما سلف
وكان من العصيان لكي يشملك بعفوه.
ومن دلائل التوبة النصوح ثلاث علامات.
إذا رزقها الله العبد غفرت ذنوبه،
وسترت عيوبه، وزالت عن خطاياه.
أولها وأجلها وأعظمها ندم الجنان.
ثم استغفار اللسان.
ثم الإقلاع وصلاح حال الجوارح والأركان.
فأما ندم القلب والجنان فلا يرزقه الله إلا لعبده الذي يحبه،
العبد المرحوم المغفور هو الذي ينكسر قلبه لله،
وإذا انكسر قلبه لله عز وجل شمله الله برحمته،
وعمه بعفوه ومغفرته.
إذا تحرك الندم في القلوب جاءت رحمة علام الغيوب.
إذا تحرك الندم في القلب فلا يحركه إلا الله،
وإذا تحرك الندم في القلب فإنه بشارة لتوبة الله على العبد،
يتحرك هذا الندم حينما يحدث الإنسان نفسه، فتلومه نفسه،
ويلومه قلبه قائلاً:
ما كان ينبغي أن تقول كذا.
ما كان ينبغي أن تفعل كذا.
ما كان ينبغي أن يكون منك هذا الشيء.
فإذا ندم جنانه تحرك لسان وقال:
ربي أغفر لي،
فإذا ندم الجنان وصدق في الندم،
ونطق اللسان وبث الحزن والألم فتح الله أبواب السماوات،
وصعدت هذا الكلمة: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ).
فإذا قبل الله استغفار العبد،
وقبل الله توبته أصلح حاله وجاءت العلامة الثالثة والأمارة الثالثة
وهي الإقلاع عن الذنوب والمعاصي ومقتها في جنب الله سبحانه وتعالى.
فإذا جاءت هذه العلامات الثلاث:
ندم الجنان، واستغفار اللسان، وصلاح الجوارح والأركان.
فأعلم أن ثم توبة الله على العبد تامة كاملة،
فإن كانت الذنوب بين العبد وبين الناس أنطلق إلى أهل الحقوق وأهل المظالم،
حركه قلبه، وحركه فؤاده قائلا:
ظلمت أخاك المسلم حينما اغتصبت أرضه.
ظلمت أخاك المسلم حينما سببته وشتمته وانتهكت عرضه.
ظلمت أخاك في ألإسلام حينما ذكرت عيوبه وثلبته.
فيريد أن يذهب لكي يعتذر فيأتيه الشيطان المريد ويقول له:
من أنت حتى تعتذر؟
وكيف تعتذر لفلان، قد ذهب الزمان وأكلت حقه.
والناس تسخر منك،، الناس تقول، الناس تفعل،
لا لا تفعل ما لك وماله، فلان أحقر من أن تأتيه،
فلان أحقر من أن تسأله العفو والمغفرة عن ما كان منك من إساءة إليه.
فعندها: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ).
فيقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،
اخسأ عدو الله فإنك لن تقف معي بين يدي الله لو اقتص أخي من مظلمته.
فيدحر الشيطان وينطلق بكل شجاعة وإيمان
لكي يقف على أخيه المسلم وقد أحاطت به الدنيا من جميع جوانبها تخذله وتخوفه،
وإذا به يتشجع ويتجاسر لأنه يخاف الآخرة ويخاف القصاص من رب لا يغفل عن الجِنة والناس،
ويأتي إلى أخيه ويقول:
يا أخي ظلمتك في مالك وها أنا أسألك أن تعفو عني.
يا أخي أسأت إليك وأسألك أن تغفر لي.
يا أخي اعتديت حدود الله في أمرك وأسألك أن تصفح عني.
فيقول له أخوه إن كان موفق قد غفرت لك يا أخي.
وإن أمتنع وقال له أريد حقي، قال له سمعا وطاعة،
فالدنيا أهون عندي من أن تغضب ربي علي،
والدنيا أحقر عندي من أن تحول بيني وبين رحمة الله،
فيأتيه بحقه كاملا لا يبالي أرضي الناس أم سخطوا،
شاءوا أم أبوا لأنه يريد الفكاك من النار.
يحرك الندم الشعور بالآخرة وتذكر القصاص بالذنوب والمعاصي،
وتذكر أن هذا الكون لم يخلق عبثا، وأن هذا الكون لم يوجد سدى.
وما من عبد تائب صادق في توبته،
وما من عبد يذنب ويريد أن يصدق في توبته إلا حركه إلى الله خوفه من الآخرة:
( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ).
من علم أنه سيقف بين يدي الله حافيا عاريا.
وأنه سيقف بين يدي الله لا مال ولا بنون.
وأنه سيقف بين يدي الله لا ينظر الله إلى حسبه ولا إلى نسبه ولا إلى غناه ولا إلى عزه،
ولكن ينظر إلى مظالم خلقه عنده فيأمره بأدائها.
فإذا تذكر أن سيقف بين يدي الله،
حرص كل الحرص على أن يخرج من الدنيا خفيف الظهر والحمل من الذنوب والمعاصي.
ولذلك كان السلف الصالح،
والتابعون لهم بإحسان يخففون من الذنوب ويخففون من الأحمال على ظهورهم:
حضرت الوفاة رجلا صالحا، فأجتمع أبناءه وأولاده فقال:
يا أولادي أسألوا جاري أن يسامحني في حقه.
قالوا وما حق جارنا عندك؟
قال: إني أصبت طعاما في السمن والودك فأردت أن أغسل يدي
فحككت جدار جاري فنزل الطين منه فغسلت يدي،
فأسالوه أن يسامحني في حقه.
شيء يسير ولكنه عند الله كبير حينما:
(وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ).
أيها الأحبة في الله:
التوبة الصادقة، التحلل من الذنوب،
التحلل من الحقوق والمظالم للصغير والكبير، والجليل والحقير.
فهنيئا ثم هنيئا لمن أصابته رحمة الله عز وجل.
سحائب المغفرة من خير الغافرين، سحائب المغفرة من أرحم الراحمين،
أحب الله أهل الإيمان وشملهم بالعفو والصفح والبر والإحسان.
الله أكبر ما أرحم الله بعباده، ألم تعلم أنه صح عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
أنه ما من مسلم يقرّب وضوئه (أي الماء الذي يتوضأ به)
فيغسل وجهه إلا خرجت خطايا وجهه مع الماء أو مع أخر قطر الماء،
وأنه إذا غسل يديه خرجت خطايا يديه مع الماء أو مع أخر قطر الماء،
وأنه إذا غسل رحليه خرجت كل خطيئة مسسها رجلاه مع الماء أو مع خر قطر الماء.
وفي الصحيح عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
أنه ما من عبد يقف بين يدي الله في الصلاة مع الجماعة
فيؤمن فيوافق تأمينه تأمين الملائكة
وفي رواية تأمين الإمام إلا غفر له ما تقدم من ذنبه.
وما من عبد يسجد لله سجدة إلا حطت عنه خطيئة ورفعت له بها درجة.
وما من عبد يقول دبر كل صلاة مكتوبة سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين كل واحدة،
ثم يقول تمام المئة لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
له الملك وله وهو على كل شيء قدير إلا غُفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر.
وما من عبد يخرج من بيته إلى بيت من بيوت الله
فيرفع قدما أو يضع أخرى إلا تحاتت عنه ذنوبه.
وما من عبد يتوضأ في شدة الحر أو شدة البرد
فيجد حر ذلك وبرده فيسبغ الوضوء إلا تحاتت عنه خطاياه.
وما من عبد يصلي صلاة في بيت من بيوت الله،
ثم يجلس في المسجد ينتظر الصلاة بعدها إلا تحاتت ذنوبه ومحيت خطاياه.
قال (صلى الله عليه وسلم)
ألا أنبأكم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات:
إسباغ الوضوء على المكاره وكثرت الخطى إلى المساجد،
وانتظار الصلاة إلى الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط..
وما من عبد يحب مسلما لله،
ويحب أخا له في الله،
فيخرج من بيته ليزوره لله وفي الله إلا بشر بالمغفرة من الله.
ففي صحيح مسلم أن رجلا خرج إلى أخ له في الله يزوره في قرية،
فأرسل الله إليه ملكا على مدرجته (في طريقه) فقال له إلى أين أنت ذاهب؟
قال إلى هذه القرية، قال ومالك فيها؟
قال لي فيها أخ في الله، قال لك عليه من نعمة تردها عليه؟
قال لا، إلا أنه أخي في الله،
قال إني رسول الله إليك أن الله غفر لك بممشاك إليه.
وما من عبد يذكر الله عز وجل فيتلو كتابه،
ويتأثر بآياته، وينكسر لعضاته،
فتحرك في قلبه عظمت الله عز وجل وتوحيده،
والإيمان به وتمجيده إلا غُفرت ذنوبه.
وإن من أعظم أسباب المغفرة الإيمان بالله:
( إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ * قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * ِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ).
فجعل مغفرة الله له بعد قوله
(إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ)،
فلو نظرت إلى حجر أو شجر أو مدر فنظرت في ملكوت الله،
ونظرت في هذا الكون الذي يأخذ بمجامع قلبك إلى الإيمان بالله وتعظيم الله،
ثم جلست ساعة تتأمل فيه وفي عظمت الله،
فأنكسر قلبك فقلت لا إله إلا الله خالصة من قلبك إلا غفرت ذنوبك..
وما من عبد يخرج من بيته إلى بيت من بيوت الله فيجلس في مجلس يذكر في الله،
جلس لله وفي الله، ولربما لم يجبس قبل ذلك مجلس ذكر.
فإذا جلس معهم صعدت الملائكة،
فسألهم الله عز وجل عن عباده وهو أعلم، فيقولون ما كان من شأنهم،
فيقولون أتيناهم وهم يسبحونك ويمجدونك،.
قال ماذا يسألونني؟.
قالوا يسألونك الجنة.
قال هل راؤها؟ قالوا لا.
قال فكيف لو راؤها لكانوا أشد شوقا إليها.
ثم يقول مما يستعيذون؟
قالوا يستعيذون من نارك،.
فيقول وهل رءوا ناري؟
قالوا لا.
قال فكيف لو راؤها لكانوا أشد فرقا منها، قد غفرت لهم.
فتقول الملائكة، إن فيهم فلانا عبدا خطأ كثير الذنوب مر فجلس معهم.
قال أرحم الراحمين،
قال الله وهو خير الغافرين،
وله قد غفرت هم القوم لا يشقى به جليسهم.
وما من قوم يجلسون في مجلس ذكر لله
إلا نادى مناد الله طبتم وطاب ممشاكم،
قوموا قد بُدلت سيئاتكم حسنات.
سحائب مغفرة من أرحم الراحمين،
سحائب مغفرة من خير الغافرين.
ومن لنا غير الله،
ومن لنا غير الذي لا إله سواه ولا رب عداه،
من لنا غيره لو أغلقت أبوابه وحاشاه.
من لنا غيره لو ابتعدنا عنه وهو صاحب الفضل والكرم.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم
أن يشملنا بعفوه وأن يعمنا بإحسانه وبره.
أيها الأحبة في الله:
لا أسعد من اللحظة التي يحس الإنسان فيها أن ربه قد تاب عليه،
ولا أسعد من اللحظة التي ينكسر فيها العبد لربه وسيده، تلك اللحظة التي يتمناها.
ولو سألت التائب عن أسعد لحظة مرة عليه في عمره،
قال اللحظة التي تبت فيها إلى ربي.
ولو سألت عبدا صالحا عن أسعد لحظة مرة به في حياته،
قال حينما رحمني الله بالإنابة إليه، وفي ذلك كله عز الدنيا وسعادتها.
وفي ذلك كله أنس من الوحدة وتبديد لها.
من تابَ تاب الله عليه،
ومن أناب إلى الله أحبه الله وآواه.
يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني،
ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني.
يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم
كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا.
يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم كانوا
على اتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا.
يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني.
يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم،
فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن جد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.
أيها الأحبة في الله:
من سحائب المغفرة التي تُمطر على العبد فيغفر الله بها ذنوبه،
ويستر بها عيوبه أن يكون العبد كثير الاستغفار،
كثير الإنابة إلى الله الحليم الغفار.
من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية.
كان (صلى الله عليه وسلم)
يستغفر الله في اليوم أكثر من مئة مرة، وقال أيها الناس توبوا إلى الله
فإني أستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة.
كثرة الاستغفار باب من أبواب الرحمة.
فاستغفر الله قائما وقاعدا، استغفر الله ذاهبا وراجعا.
إن ذهبت وأنت تطلب رزقك
استغفرت الله عند خروجك لأنه ربما حُرم العبد الرزق بسبب الذنب.
وإن رجعت إلى بيتك وأويت إلى أهلك
أكثرت من الاستغفار لربك خشيت أن تكون ظلمت أو أست أو أخطأت،
فترجع إلى بيتك وأنت مغسول من الذنوب والخطايا.
فأكثر من الاستغفار لله فإن الاستغفار سبب من أسباب الرحمة،
ولذلك كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يستغفر الله،
ويستفتح الصلاة بالاستغفار،
ويسأل ربه أن يغسله من الذنوب والخطايا بالماء والثلج والبرد.
ومن علم أن الذنوب شؤمها عظيم، وبلائها وخيم وعاقبتها سيئة:
فكم من ذنب قاد إلى حرمان الرزق.
وكم من ذنب أظلم به القلب.
وكم من ذنب طمست به البصيرة.
وكم من ذنب فسدت به العيال.
وكم من ذنب ذهبت به الأموا.
وكم من ذنب كان سببا في سوء الخاتمة والعياذ بالله وسوء الحال.
الذنوب بريد إلى الكفر، وطريق إلى الكفر،
فعلى العبد أن يفر منها إلى أرحم الراحمين، وخير الغافرين،
وأن يستيقن أن الله حليم رحيم: من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا،
ومن تقرب مني ذراعا تقربت من باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة.
ومن الأسباب التي تعين على مغفرة الله للعبد
بره لوالديه،
وصلته لرحمه،
وحسن ظنه بالمسلمين،
وسلامة صدره،
وما يكون منه من الإحسان كالعطف على الفقراء والضعفاء،
وقضاء ديون المعسرين،
وتفريج الكربات عن المكروبين فإنها سحائب رحمة من أرحم الراحمين.
يقف العبد بين يدي الله يوم القيامة،
فتعظم عليه الذنوب وتكثر منه الخطايا والعيوب،
فيقول الله عز وجل:
إنه كان يتجاوز عن المعسرين،
ونحن أحق بالتجاوز عنه، قد غفرت لعبدي وتجاوزت عنه.
قال (صلى الله عليه وسلم)
أنه كان في من كان قبلكم رجل يديّن (يقرض) الناس،
وكان يقول لغلمانه: إذا رأيتم معسرا فتجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا،
قال (صلى الله عليه وسلم):
فوقف بين يدي الله، فقال الله عز وجل لملائكته:
نحن أحق بالعفو من عبدي، قد غفرت لعبدي،
وفي رواية قد تجاوزت عنه فاذهبوا به إلى الجنة.
فمن أسباب الرحمة رحمة العباد، والإحسان إليهم،
وشملهم بالعفو والمغفرة، فمن عامل الناس بالسماحة عامله الله بالرحمة،
والراحمون يرحمهم الله.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم بأسمائه الحسنى
وصفاته العلى أن لا يفرق جمعنا هذا إلا بذنب مغفور.
اللهم أرحم ضعفنا واغفر ذنبنا، اللهم اغفر ذنبنا ما تقدم وما تأخر،
وما ظهر وما بطن.
اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وفرج كروبنا وأحسن خاتمتنا
وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، واعف عنا،
وأرحم في موقف العرض يا أرحم الراحمين ذل مقامنا.
أقول قولي هذا وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم لي ولكم العفو والمغفرة،
إنه ولي ذلك والقادر عليه.
…………………………………
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره،
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا،
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي الله.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
واشهد أن محمدا عبده ورسوله،
أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا،
وداعيا إلى الله بأذنه وسراجا منيرا.
(صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا)
أما بعد فأحييكم بتحية الإسلام،
بتحية من عند الله مباركة طيبة.
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم في بداية هذا اللقاء
أن يجعل اجتماعنا اجتماعا مرحوما وأن يجعل تفرقنا من بعده تفرقا معصوما
وأن لا يجعل فينا ولا منا ولا معنا شقيا ولا محروما.
أيها الأحبة في الله:
من الذي يبسط يده في الليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده في النهار ليتوب مسيء الليل ؟
من الذي ينادي في كل ليلة هل من تائب فأتوب علية، هل من مستغفر فأغفر له ؟
من الذي ينادي: يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني لغفرتها لك ولا أبالي ؟
من الذي ينادي : يا عبادي إنكم تخطئون في الليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني اغفر لكم ؟
من الذي ينادي: ( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
من الذي يرحم التائبين ويشملهم بعفوه ومغفرته وهو خير الغافرين ؟
من الذي عجت ببابه الأصوات فلهجت بالمعذرة والمسائل والحاجات فكان الله ولم يزل بها رحيما ؟
أيها الأحبة في الله:
يغفر الله للعبد ذنوبه ويستر له عيوبه،
يغفر الله وهو خير الغافرين،
ويرحم الله وهو أرحم الراحمين.
يغفر الله للعباد مغفرة لا تدع للعبد ذنبا صغيرا ولا كبيرا إلا محته،
وتلك المغفرة التامة، مغفرة لما تقدم وما تأخر غفرها الله لنبيه عليه الصلاة والسلام:
( لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً).
يغفر لله للعبد ذنبه فلا يبقي له خطيئة أبدا.
جاء عثمان رضي الله عنه وأرضاه إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
وهو يحمل الذهب والفضة، فصبها في حجر النبي (صلى الله عليه وسلم)
صدقة لوجه الله، فنزل الوحي على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)،
فأخذ الذهب بيديه، وقلبه بكفه فقال: ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم.
وجاء حاطب ابن أبي بلتعة فوقف على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)
في قصته المشهورة وكتابه لأهل مكة، فقال عمر رضي الله عنه وأرضاه:
يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق.
فقال (صلى الله عليه وسلم):
دعه يا عمر،
وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال:
اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
يغفر الله للعبد مغفرة تامة كاملة فلا يبقي له ذنبا ولا خطيئة،
وبذلك يمشي على وجه الأرض مبشرا بالجنة.
يغفر الله للعبد ذنوبه فيرحمه إذا رحم خلقه:
مرت بغي من بغايا بني إسرائيل، كانت على المعاصي والفجور،
فمرت على كلب يلهث الثرى فانكسر قلبها وأرادت أن ترحمه،
فنزلت إلى البئر فملأت خفها ماء وسقت الكلب فشكر الله لها فغفر ذنوبها.
ومر رجل على غصن شوك في طريق المسلمين،
فلما رآه قال والله لأنحينه عن طريق المسلمين لا يؤذيهم،
فزحزحه عن طريقهم فزحزحه الله عن نار جهنم وغفرت ذنوبه.
الله أكبر إذا غفر الله لعبده، والله لا يُسأل عن أمره، ولا يعقّب في حكمه سبحانه وتعالى.
أيها الأحبة في الله،
يقف العبد بين يدي الله، يقف العبد بين يدي سيده ومولاه،
يناديه رباهُ رباه، يناديه بعد الذنوب والخطايا، والعيوب والرزايا.
وقد أقضت مضجعه وآلمته وأكربته فلم يجد ملجأ ومنجى إلا إلى الله،
فيقف بين يدي الله وقد أحزنته ذنوبه وأهمته عيوبه وأسرته خطاياه بعد أن ذهبت اللذة،
وانقضت الشهوة وأعقبها العذاب والهوان، وأصابته بلية المعصية:
من فقر في يديه.
وسوء في حاله.
ومرض في بدنه.
وأحاط به ضيق المعاصي.
آلمته وأقضت مضجعه ,أقلقلته، عندها نظر يمينا وشمالا.
فإذا بالنفس الأمارة بالسوء قد خذلته،
وإذا بالشيطان المريد قد خذله، فلم يجد إلا ربه لكي يقف بين يديه معتذرا،
ويقف بين يديه نادما تائبا منكسرا.
فينادي ربه من صميم قلبه وفؤاده،
وهو يعتقد أن لا أرحم من الله بخلقه.
ينادي ربه وهو على يقين أن الله أحلم وأرحم،
وأن الله أوفى وأكرم، وأنه وإن كانت ذنوبه كبيرة فالله أكبر من كل شيء،
وإن كانت عيوبه كثيرة فالله أرحم وهو الغفور الحليم.
فوقف بين يدي الله منكسرا،
أسيرا حسيرا كسيرا مؤمنا بربه موقنا برحمته،
فيناديه:
يا ربِ يا رب،
وإذا بالله جل جلاله لا ينظر إلى ما مضى من إساءته ولكن يفرح بإنابته وتوبته،
فتفتح أبواب السماوات وتصعد الكلمات والدعوات،
فتنتهي إلى ما شاء الله أن تنتهي،
فينادي أرحم الراحمين،
وينادي خير الغافرين:
يا ملائكتي علم عبدي أن له رب يأخذ بالذنب ويعفو عن الذنوب،
قد غفرتُ لعبدي.
وقد يكون العبد أبن ستين وسبعين فيغفر له في طرفة عين،
فيتولى الشيطان وهو يحثُ على نفسه التراب ويقول:
يا ويلي أغويته من ستين وسبعين وغفر له في طرفة عين.
فإذا غفرت الذنوب،
وسترت العيوب، وزالت الخطايا، فرح العبد بتوبة ربه عليه،
ورأى بشائر فضله وإحسانه أمامه وبين يديه،
رأى الكرم والجود، والحلم والرحمة فأزداد فرحا بالله،
وإنابة إلى الله، وثقة بالله جل جلاله، وأصبح لسان حاله يقول:
يا رب أسئت في ما مضى فأحسن لي في ما بقي من عمري،
وأحسن لي في ما بقي من أجلي.
فتغشته سحائب المغفرات،
وأفاض الله عليه جزيل وجميل الرحمات، ففتح في وجهه أبواب البر،
فانطلق ذلك العبد الموفق إلى أبواب الخير والطاعات فرحا بتوبة ربه عليه،
وإنابته وإحسانه إليه، فإذا أراد الله عز وجل أن يسعده أراه بدل له سيئاته حسنات.
الله أكبر،
إذا بدلت الذنوب، وبدلت الخطايا والعيوب،
بدلت حسنات من أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين وخير الغافرين سبحانه وتعالى.
أيها الأحبة في الله:
من بيننا وبين الله؟
من الذي بيننا وبين ربنا؟
ليس بيننا وبين الله أحد،
ليس بيننا وبين الله ترجمان ولا حجاب ولا جن ولا إنسان،
يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار.
يناديه العبد بالذنب لا يعلمه إلا هو سبحانه الرب،
فيستره ويرحمه في الدنيا والآخرة.
عن ابن عمر رضي الله عنهما
أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال:
إن الله يدني العبد يوم القيامة
ثم يلقي عليه كنفه ثم يكون في ستر
لا يسمع ما يقول إلا الله وحده لا شريك له فيقول له:
يا عبدي عملت كذا وكذا يوم كذا وكذا.
فيقول نعم يا رب.
فيقول عبدي عملت كذا وكذا يوم كذا وكذا.
فيقول نعم يا ربي،
حتى إذا كشفت العيوب وكشفت الذنوب،
وأشفق العبد على نفسه.
قال الحليم الرحيم،
عبدي سترتها عليك في الدنيا وها أنا أسترها عليك اليوم،
فيستره الله بستره، ويشمله بعفوه ومغفرته، ويدخله الجنة.
ليس بين العبد وبين الله أحد،
لا يستطيع أحد أن يحرمك من رحمة ربك،
ولا يستطيع أحد كائن من كان أن يقفل أبواب فضل الله عليك..
اختار الله منك الندم والشجى والحزن والألم على ما سلف
وكان من العصيان لكي يشملك بعفوه.
ومن دلائل التوبة النصوح ثلاث علامات.
إذا رزقها الله العبد غفرت ذنوبه،
وسترت عيوبه، وزالت عن خطاياه.
أولها وأجلها وأعظمها ندم الجنان.
ثم استغفار اللسان.
ثم الإقلاع وصلاح حال الجوارح والأركان.
فأما ندم القلب والجنان فلا يرزقه الله إلا لعبده الذي يحبه،
العبد المرحوم المغفور هو الذي ينكسر قلبه لله،
وإذا انكسر قلبه لله عز وجل شمله الله برحمته،
وعمه بعفوه ومغفرته.
إذا تحرك الندم في القلوب جاءت رحمة علام الغيوب.
إذا تحرك الندم في القلب فلا يحركه إلا الله،
وإذا تحرك الندم في القلب فإنه بشارة لتوبة الله على العبد،
يتحرك هذا الندم حينما يحدث الإنسان نفسه، فتلومه نفسه،
ويلومه قلبه قائلاً:
ما كان ينبغي أن تقول كذا.
ما كان ينبغي أن تفعل كذا.
ما كان ينبغي أن يكون منك هذا الشيء.
فإذا ندم جنانه تحرك لسان وقال:
ربي أغفر لي،
فإذا ندم الجنان وصدق في الندم،
ونطق اللسان وبث الحزن والألم فتح الله أبواب السماوات،
وصعدت هذا الكلمة: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ).
فإذا قبل الله استغفار العبد،
وقبل الله توبته أصلح حاله وجاءت العلامة الثالثة والأمارة الثالثة
وهي الإقلاع عن الذنوب والمعاصي ومقتها في جنب الله سبحانه وتعالى.
فإذا جاءت هذه العلامات الثلاث:
ندم الجنان، واستغفار اللسان، وصلاح الجوارح والأركان.
فأعلم أن ثم توبة الله على العبد تامة كاملة،
فإن كانت الذنوب بين العبد وبين الناس أنطلق إلى أهل الحقوق وأهل المظالم،
حركه قلبه، وحركه فؤاده قائلا:
ظلمت أخاك المسلم حينما اغتصبت أرضه.
ظلمت أخاك المسلم حينما سببته وشتمته وانتهكت عرضه.
ظلمت أخاك في ألإسلام حينما ذكرت عيوبه وثلبته.
فيريد أن يذهب لكي يعتذر فيأتيه الشيطان المريد ويقول له:
من أنت حتى تعتذر؟
وكيف تعتذر لفلان، قد ذهب الزمان وأكلت حقه.
والناس تسخر منك،، الناس تقول، الناس تفعل،
لا لا تفعل ما لك وماله، فلان أحقر من أن تأتيه،
فلان أحقر من أن تسأله العفو والمغفرة عن ما كان منك من إساءة إليه.
فعندها: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ).
فيقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم،
اخسأ عدو الله فإنك لن تقف معي بين يدي الله لو اقتص أخي من مظلمته.
فيدحر الشيطان وينطلق بكل شجاعة وإيمان
لكي يقف على أخيه المسلم وقد أحاطت به الدنيا من جميع جوانبها تخذله وتخوفه،
وإذا به يتشجع ويتجاسر لأنه يخاف الآخرة ويخاف القصاص من رب لا يغفل عن الجِنة والناس،
ويأتي إلى أخيه ويقول:
يا أخي ظلمتك في مالك وها أنا أسألك أن تعفو عني.
يا أخي أسأت إليك وأسألك أن تغفر لي.
يا أخي اعتديت حدود الله في أمرك وأسألك أن تصفح عني.
فيقول له أخوه إن كان موفق قد غفرت لك يا أخي.
وإن أمتنع وقال له أريد حقي، قال له سمعا وطاعة،
فالدنيا أهون عندي من أن تغضب ربي علي،
والدنيا أحقر عندي من أن تحول بيني وبين رحمة الله،
فيأتيه بحقه كاملا لا يبالي أرضي الناس أم سخطوا،
شاءوا أم أبوا لأنه يريد الفكاك من النار.
يحرك الندم الشعور بالآخرة وتذكر القصاص بالذنوب والمعاصي،
وتذكر أن هذا الكون لم يخلق عبثا، وأن هذا الكون لم يوجد سدى.
وما من عبد تائب صادق في توبته،
وما من عبد يذنب ويريد أن يصدق في توبته إلا حركه إلى الله خوفه من الآخرة:
( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ).
من علم أنه سيقف بين يدي الله حافيا عاريا.
وأنه سيقف بين يدي الله لا مال ولا بنون.
وأنه سيقف بين يدي الله لا ينظر الله إلى حسبه ولا إلى نسبه ولا إلى غناه ولا إلى عزه،
ولكن ينظر إلى مظالم خلقه عنده فيأمره بأدائها.
فإذا تذكر أن سيقف بين يدي الله،
حرص كل الحرص على أن يخرج من الدنيا خفيف الظهر والحمل من الذنوب والمعاصي.
ولذلك كان السلف الصالح،
والتابعون لهم بإحسان يخففون من الذنوب ويخففون من الأحمال على ظهورهم:
حضرت الوفاة رجلا صالحا، فأجتمع أبناءه وأولاده فقال:
يا أولادي أسألوا جاري أن يسامحني في حقه.
قالوا وما حق جارنا عندك؟
قال: إني أصبت طعاما في السمن والودك فأردت أن أغسل يدي
فحككت جدار جاري فنزل الطين منه فغسلت يدي،
فأسالوه أن يسامحني في حقه.
شيء يسير ولكنه عند الله كبير حينما:
(وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ).
أيها الأحبة في الله:
التوبة الصادقة، التحلل من الذنوب،
التحلل من الحقوق والمظالم للصغير والكبير، والجليل والحقير.
فهنيئا ثم هنيئا لمن أصابته رحمة الله عز وجل.
سحائب المغفرة من خير الغافرين، سحائب المغفرة من أرحم الراحمين،
أحب الله أهل الإيمان وشملهم بالعفو والصفح والبر والإحسان.
الله أكبر ما أرحم الله بعباده، ألم تعلم أنه صح عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
أنه ما من مسلم يقرّب وضوئه (أي الماء الذي يتوضأ به)
فيغسل وجهه إلا خرجت خطايا وجهه مع الماء أو مع أخر قطر الماء،
وأنه إذا غسل يديه خرجت خطايا يديه مع الماء أو مع أخر قطر الماء،
وأنه إذا غسل رحليه خرجت كل خطيئة مسسها رجلاه مع الماء أو مع خر قطر الماء.
وفي الصحيح عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
أنه ما من عبد يقف بين يدي الله في الصلاة مع الجماعة
فيؤمن فيوافق تأمينه تأمين الملائكة
وفي رواية تأمين الإمام إلا غفر له ما تقدم من ذنبه.
وما من عبد يسجد لله سجدة إلا حطت عنه خطيئة ورفعت له بها درجة.
وما من عبد يقول دبر كل صلاة مكتوبة سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين كل واحدة،
ثم يقول تمام المئة لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
له الملك وله وهو على كل شيء قدير إلا غُفرت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر.
وما من عبد يخرج من بيته إلى بيت من بيوت الله
فيرفع قدما أو يضع أخرى إلا تحاتت عنه ذنوبه.
وما من عبد يتوضأ في شدة الحر أو شدة البرد
فيجد حر ذلك وبرده فيسبغ الوضوء إلا تحاتت عنه خطاياه.
وما من عبد يصلي صلاة في بيت من بيوت الله،
ثم يجلس في المسجد ينتظر الصلاة بعدها إلا تحاتت ذنوبه ومحيت خطاياه.
قال (صلى الله عليه وسلم)
ألا أنبأكم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات:
إسباغ الوضوء على المكاره وكثرت الخطى إلى المساجد،
وانتظار الصلاة إلى الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط..
وما من عبد يحب مسلما لله،
ويحب أخا له في الله،
فيخرج من بيته ليزوره لله وفي الله إلا بشر بالمغفرة من الله.
ففي صحيح مسلم أن رجلا خرج إلى أخ له في الله يزوره في قرية،
فأرسل الله إليه ملكا على مدرجته (في طريقه) فقال له إلى أين أنت ذاهب؟
قال إلى هذه القرية، قال ومالك فيها؟
قال لي فيها أخ في الله، قال لك عليه من نعمة تردها عليه؟
قال لا، إلا أنه أخي في الله،
قال إني رسول الله إليك أن الله غفر لك بممشاك إليه.
وما من عبد يذكر الله عز وجل فيتلو كتابه،
ويتأثر بآياته، وينكسر لعضاته،
فتحرك في قلبه عظمت الله عز وجل وتوحيده،
والإيمان به وتمجيده إلا غُفرت ذنوبه.
وإن من أعظم أسباب المغفرة الإيمان بالله:
( إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ * قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * ِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ).
فجعل مغفرة الله له بعد قوله
(إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ)،
فلو نظرت إلى حجر أو شجر أو مدر فنظرت في ملكوت الله،
ونظرت في هذا الكون الذي يأخذ بمجامع قلبك إلى الإيمان بالله وتعظيم الله،
ثم جلست ساعة تتأمل فيه وفي عظمت الله،
فأنكسر قلبك فقلت لا إله إلا الله خالصة من قلبك إلا غفرت ذنوبك..
وما من عبد يخرج من بيته إلى بيت من بيوت الله فيجلس في مجلس يذكر في الله،
جلس لله وفي الله، ولربما لم يجبس قبل ذلك مجلس ذكر.
فإذا جلس معهم صعدت الملائكة،
فسألهم الله عز وجل عن عباده وهو أعلم، فيقولون ما كان من شأنهم،
فيقولون أتيناهم وهم يسبحونك ويمجدونك،.
قال ماذا يسألونني؟.
قالوا يسألونك الجنة.
قال هل راؤها؟ قالوا لا.
قال فكيف لو راؤها لكانوا أشد شوقا إليها.
ثم يقول مما يستعيذون؟
قالوا يستعيذون من نارك،.
فيقول وهل رءوا ناري؟
قالوا لا.
قال فكيف لو راؤها لكانوا أشد فرقا منها، قد غفرت لهم.
فتقول الملائكة، إن فيهم فلانا عبدا خطأ كثير الذنوب مر فجلس معهم.
قال أرحم الراحمين،
قال الله وهو خير الغافرين،
وله قد غفرت هم القوم لا يشقى به جليسهم.
وما من قوم يجلسون في مجلس ذكر لله
إلا نادى مناد الله طبتم وطاب ممشاكم،
قوموا قد بُدلت سيئاتكم حسنات.
سحائب مغفرة من أرحم الراحمين،
سحائب مغفرة من خير الغافرين.
ومن لنا غير الله،
ومن لنا غير الذي لا إله سواه ولا رب عداه،
من لنا غيره لو أغلقت أبوابه وحاشاه.
من لنا غيره لو ابتعدنا عنه وهو صاحب الفضل والكرم.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم
أن يشملنا بعفوه وأن يعمنا بإحسانه وبره.
أيها الأحبة في الله:
لا أسعد من اللحظة التي يحس الإنسان فيها أن ربه قد تاب عليه،
ولا أسعد من اللحظة التي ينكسر فيها العبد لربه وسيده، تلك اللحظة التي يتمناها.
ولو سألت التائب عن أسعد لحظة مرة عليه في عمره،
قال اللحظة التي تبت فيها إلى ربي.
ولو سألت عبدا صالحا عن أسعد لحظة مرة به في حياته،
قال حينما رحمني الله بالإنابة إليه، وفي ذلك كله عز الدنيا وسعادتها.
وفي ذلك كله أنس من الوحدة وتبديد لها.
من تابَ تاب الله عليه،
ومن أناب إلى الله أحبه الله وآواه.
يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني،
ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني.
يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم
كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا.
يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم كانوا
على اتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا.
يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني.
يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم،
فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن جد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.
أيها الأحبة في الله:
من سحائب المغفرة التي تُمطر على العبد فيغفر الله بها ذنوبه،
ويستر بها عيوبه أن يكون العبد كثير الاستغفار،
كثير الإنابة إلى الله الحليم الغفار.
من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية.
كان (صلى الله عليه وسلم)
يستغفر الله في اليوم أكثر من مئة مرة، وقال أيها الناس توبوا إلى الله
فإني أستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة.
كثرة الاستغفار باب من أبواب الرحمة.
فاستغفر الله قائما وقاعدا، استغفر الله ذاهبا وراجعا.
إن ذهبت وأنت تطلب رزقك
استغفرت الله عند خروجك لأنه ربما حُرم العبد الرزق بسبب الذنب.
وإن رجعت إلى بيتك وأويت إلى أهلك
أكثرت من الاستغفار لربك خشيت أن تكون ظلمت أو أست أو أخطأت،
فترجع إلى بيتك وأنت مغسول من الذنوب والخطايا.
فأكثر من الاستغفار لله فإن الاستغفار سبب من أسباب الرحمة،
ولذلك كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يستغفر الله،
ويستفتح الصلاة بالاستغفار،
ويسأل ربه أن يغسله من الذنوب والخطايا بالماء والثلج والبرد.
ومن علم أن الذنوب شؤمها عظيم، وبلائها وخيم وعاقبتها سيئة:
فكم من ذنب قاد إلى حرمان الرزق.
وكم من ذنب أظلم به القلب.
وكم من ذنب طمست به البصيرة.
وكم من ذنب فسدت به العيال.
وكم من ذنب ذهبت به الأموا.
وكم من ذنب كان سببا في سوء الخاتمة والعياذ بالله وسوء الحال.
الذنوب بريد إلى الكفر، وطريق إلى الكفر،
فعلى العبد أن يفر منها إلى أرحم الراحمين، وخير الغافرين،
وأن يستيقن أن الله حليم رحيم: من تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا،
ومن تقرب مني ذراعا تقربت من باعا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة.
ومن الأسباب التي تعين على مغفرة الله للعبد
بره لوالديه،
وصلته لرحمه،
وحسن ظنه بالمسلمين،
وسلامة صدره،
وما يكون منه من الإحسان كالعطف على الفقراء والضعفاء،
وقضاء ديون المعسرين،
وتفريج الكربات عن المكروبين فإنها سحائب رحمة من أرحم الراحمين.
يقف العبد بين يدي الله يوم القيامة،
فتعظم عليه الذنوب وتكثر منه الخطايا والعيوب،
فيقول الله عز وجل:
إنه كان يتجاوز عن المعسرين،
ونحن أحق بالتجاوز عنه، قد غفرت لعبدي وتجاوزت عنه.
قال (صلى الله عليه وسلم)
أنه كان في من كان قبلكم رجل يديّن (يقرض) الناس،
وكان يقول لغلمانه: إذا رأيتم معسرا فتجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا،
قال (صلى الله عليه وسلم):
فوقف بين يدي الله، فقال الله عز وجل لملائكته:
نحن أحق بالعفو من عبدي، قد غفرت لعبدي،
وفي رواية قد تجاوزت عنه فاذهبوا به إلى الجنة.
فمن أسباب الرحمة رحمة العباد، والإحسان إليهم،
وشملهم بالعفو والمغفرة، فمن عامل الناس بالسماحة عامله الله بالرحمة،
والراحمون يرحمهم الله.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم بأسمائه الحسنى
وصفاته العلى أن لا يفرق جمعنا هذا إلا بذنب مغفور.
اللهم أرحم ضعفنا واغفر ذنبنا، اللهم اغفر ذنبنا ما تقدم وما تأخر،
وما ظهر وما بطن.
اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وفرج كروبنا وأحسن خاتمتنا
وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، واعف عنا،
وأرحم في موقف العرض يا أرحم الراحمين ذل مقامنا.
أقول قولي هذا وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم لي ولكم العفو والمغفرة،
إنه ولي ذلك والقادر عليه.
…………………………………
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى