انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

احذر نارا تلظى

اذهب الى الأسفل

احذر نارا تلظى Empty احذر نارا تلظى

مُساهمة  الشيخ حسنى الأحد سبتمبر 19, 2010 3:49 pm

[color=darkblue]
الحمد لله ذي العز المجيد،
والبطش الشديد،
المبدأ المعيد،
الفعال لما يريد،
المنتقم ممن عصاه بالنار بعد الإنذار بها والوعيد،
والمكرم لمن خافه واتقاه بدار لهم فيها من كل خير مزيد.

فسبحان من قسم خلقه بين شقي وسعيد:
(من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد)
أحمده وأشكره،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا كفئ ولا عدل ولا ند ولا نديد.
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
(صلى الله عليه وعلى آله وصحبه)
صلاة وسلام لا تنفذ ولا تبيد.
يا رب طهر قلوبنا من النفاق،
وأعمالنا من الرياء،
وألسنتنا من الكذب.
يا رب، نشكو إليك قسوة قلوبنا،
وغفلة نفوسنا، وتقصيرنا في طاعتك،
وغفلتنا عن ذكرك.
يا رب اجعلنا من قوم تحبهم ويحبونك،
ولا تجعلنا ممن نسوك فنسيتهم.


أما بعد عباد الله:
اتقوا الله حق التقوى.
أيها الأخوة في الله، لقد قست القلوب فهي ما بين شواغل الدنيا وصوادفها وملهياتها.
ثم إذا أفاقت فإذا هي تفيق إلى نكبات وهموم وغموم تتجاذبها، فإذا حديث الرقائق والرغائب.
إذا الحديث المخّوف والحديث المرقق غريب عن القلوب،
غريب على الآذان، قل ما تنصت إليه وقل ما تسمعه.
كم كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتعاهد أصحابه بمواعظ توجل منها القلوب، وتذرف منه العيون، وترتعد منها الفرائض.
يقف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخطب أصحابه بكلمات قليلات يسيرات مباركات.
فيقول لهم أيها الناس:
( أُريت الجنة والنار فلم أرى كاليوم في الخير والشر، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله).
فما أن يتتام هذا الكلام من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى يخفض الصحابة رؤوسهم، ويكبوا بوجوههم ولهم ضجيج وخنين بالبكاء.
أما إن نفوسنا بحاجة إلى أن نوردها المواعظ والنذر، ونذكرها بما خوف الله به عباده، وحذرهم منه، وقد حذر المولى جل وعلا وأنذر.
حذر عباده أشد التحذير وأنذرهم غاية الإنذار من عذاب النار ومن دار الخزي والبوار فقال المولى جل جلاله وتقدست أسمائه:
( فأنذرتكم نارا تلظى ).
وقال: ( إنها لإحدى الكبر، نذيرا للبشر ).
فو الله ما أنذر العباد وخوفهم بشيء قط هو أشد وأدهى من النار.
وصف لهم حرها ولظاها،
وصف لهم طعامها وشرابها،
وصف أغلالها ونكالها،
وصف حميمها وغساقها،
وصف أصفادها وسرابيلها.
وصف ذلك كله حتى إن من يقرأ القرآن بقلب حاضر، ويسمع وصف جهنم فكأنما أقيم على شفيرها فهو
يراها يحطم بعضها بعضا، كأنما يرى أهل النار يتقلبون في دركاتها، ويجرجرون في أوديتها.
كل ذلك من المولى جل وعلا إنذار وتحذير.
وكذا خوف نبينا (صلى الله عليه وسلم) من النار وحذر وأنذر، وتوعد وحذر، وكان (صلى الله عليه وسلم) شديد الإنذار شديد التحذير من النار.
وقف (صلى الله عليه وسلم) على منبره فجعل ينادي ويقول:
( أنذرتكم النار، أنذرتكم النار، أنذرتكم النار )..
وعلا صوته (صلى الله عليه وسلم) حتى سمعه أهل السوق جميعا، وحتى وقعت خليصة كانت على كتفيه (صلى الله عليه وسلم)، فوقعت عند رجليه من شدة تأثره وانفعاله بما يقول عليه الصلاة والسلام.
وقال (صلوات الله وسلامه عليه):
(أنا أخذ بحجزكم عن النار، أقول إياكم وجهنمَ والحدود، إياكم وجهنم والحدود، إياكم وجهنم والحدود).
فهو (صلى الله عليه وسلم) أخذ بحجز أمته يقول إياكم عن النار، هلم عن النار وهم يعصونه ويتقحمونها.
أيها الأخوة في الله:
ثم أصبح الحديث عن النار وعذابها حديث خافتا لا تكاد تتحرك به الألسنة.
ولا تستشعره القلوب.
ولا تذرف له العيون.
حديثا غريبا عن المسامع، بعيدا عن النفوس.
مع أن ربنا جل جلاله قد ذكّرنا بها غاية التذكير، وحذرنا منها أعظم التحذير.
ألا فلنُشعر القلوب بشيء من أحوالها، ولنذكّر النفوس بشيء من أهوالها، عسى قسوة من قلوبنا تلين، وغفلة من نفوسنا تُفيق.
فإن سألت عن النار ؟
فقد سألت عن دار مهولة، وعذاب شديد.
إن سألت عن حرّها وعن قعرها وحميمها وزقومها وأصفادها وأغلالها وعذابها وأهوالها وحال أهلها؟
فما ظنك بحر نار أوقد عليها آلف عام حتى احمرت.
ثم أوقد عليها آلف عام حتى ابيضت،
ثم أوقد عليها آلف عام حتى اسودت،
فهي سوداء مظلمة.
ما ضننا بحر نار نارنا هذه التي نوقدها جزء واحد من سبعين جزء من نار الآخرة.
أما بُعد قعرها:
فما ظننا بقعر نار يلقى الحجر العظيم من شفيرها فيهوي فيها سبعين سنة لا يدرك قعرها، والله لتملأن والله لتملأن والله لتملأن.
أما طعامها وشرابها ؟ فأستمع إلى قول خالقها والمتوعد بعذابها:
( إن شجرة الزقوم طعام الأثيم، كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم). وقوله:
(أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم ،
إنا جعلنها فتنة للظالمين،
إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم،
طلعها كأنه رؤوس الشياطين،
فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون ،
ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ،
ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم(
أما شرابها، فأستمع إلى ما يقول ربنا وخالقنا:
(وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا)
فهذا الطعام: (ذا غصة وعذابا أليما).
وهذا الشراب : (من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد، يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ).
يقول النبي (صلى الله عليه وسلم) في بيان حال طعام أهل النار:
( لو أن قطرة من الزقوم قطرت في الدنيا لأفسدت على أهل الأرض معايشهم ).
فكيف بمن تكون طعامه؟؟، فكيف بمن تكون طعامه. ؟؟
يلقى على أهل النار الجوع فإذا استغاثوا أغيثوا بشجر الزقوم.
فإذا أكلوه غلى في بطونهم كغلي الحميم، فيستسقون فيُسقون بماء حميم إذا أدناه إلى وجهه شوى وجهه، فإذا شربه قطع أمعائه حتى يخرج من دبره:
(وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم).
أما سلاسلها وأغلالها فأستمع إلى وصفها:
(ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه).
(قيأخذ بالنواصي والأقدام).
أي أن ناصية رأسه تجمع إلى قدميه من وراء ظهره.
ينشأ الله لأهل النار سحابة سوداء مظلمة، فيقال لهم يا أهل النار أي شيء تطلبون ؟
فيقولون الشراب، فيستسقون.
فتمطرهم تلك السحابة السوداء أغلالا تزيد في أغلالهم، وسلاسل تزيد في سلاسلهم وجمرا يتلهب عليهم.
أما عذاب أهل النار وكل ما مضى من عذابها ؟
فما ظنك بعذاب دار أهون أهلها عذابا من كـان له نعلان يغلي منهما دماغه، ما يرى أن أحداً أشد منه عذابا، وإنه لأهونهم.
أما حال أهلها فشر حال وهوانهم أعظم هوان وعذابهم أشد عذاب ؟
ما ظنك بقوم قاموا على أقدامهم خمسين آلف سنة، لم يأكلوا فيها أكلة، ولم يشربوا فيها شربة، حتى انقطعت أعناقهم عطشا، واحترقت أكبادهم جوعا.
ثم أنصرف بهم بعد ذلك إلى النار، فيسقون من عين آنية قد أذى حرها وأشتد نضجها.
فلو رأيتهم وقد أسكنوا دارا ضيقت الأرجاء، مظلمة المسالك، مبهمة المهالك.
قد شدت أقدامهم إلى النواصي، واسودت وجوههم من ظلمة المعاصي.
يسحبون فيها على وجوههم مغلولين.
النار من فوقهم، النار من تحتهم، النار عن أيمانهم، النار عن شمائلهم :
(لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين).
فغطائهم من نار وطعامهم من نار، وشرابهم من نار ولباسهم من نار، ومهادهم من نار.
فهم بين مقطعات النيران وسرابيل القطران وضرب المقامع، وجر السلاسل يتجلجلون في أوديتها، ويتحطمون في دركاتها، ويضطربون بين غواشيها.
تغلي بهم كغلي القدور وهم يهتفون بالويل ويدعون بالثبور:
( يصب من فوق رؤوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق ).
يتفجر الصديد من أفواههم، وتتقطع من العطش أكبادهم، وتسيل على الخدود عيونهم وأهدابهم.
( كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ).
أمانيهم فيها الهلاك ومالهم من أسرها فكاك.
فما حال دار أماني أهلها إذا تمنوا فيها الموت ؟
ما حال دار أماني أهلها إذا تمنوا فيها أن يموتوا ؟
كيف بك إذ رأيتهم وقد اسودت وجوههم فهي أشد سوادا من الحمم.
وعميت أبصارهم، وابكمت ألسنتهم، وقصمت ظهورهم، ومزقت جلودهم، وغلت أيديهم إلى أعناقهم، وجمع بين نواصيهم وأقدامهم، يمشون على النار بوجوههم ويطئون حسك الحديد بإحداقهم.
ينادون من أكنافها ويصيحون من أقطارها:
( يا مالك قد أثقلنا الحديد، يا مالك قد حق علينا الوعيد، يا مالك قد نضجت منا الجلود، يا مالك قد تفتت من الكبود، يا مالك العدم خير من هذا الوجود).
فيجيبهم بعد آلف عام بأشد وأقسى خطاب وأغلظ جواب:
( إنكم ماكثون ).
فينادون ربهم وقد أشتد بكائهم وعلا صياحهم وارتفع صراخهم:
(قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ، ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون ).
فلا يجيبهم الجبار جل جلاله إلا بعد سنين، فيجيبه بتوبيخ أشد من العذاب :
( اخسئوا فيها ولا تكلمون ).
فعند ذلك أطبقت عليهم النار وغلقت فيئس القوم بعد تلك الكلمة أيما إياس، فتزداد حسراتهم وتنقطع أصواتهم، فلا يسمع لهم إلا الأنين والزفير والشهيق والبكاء.
يبكون على تضييع أوقات الشباب.
ويتأسفون أسفا أعظم من المصاب.
ولكن هيهات هيهات، ذهب العمل وجاء العقاب.
لقد خاب من أولاد أدم من مشى إلى النار مغلول القيادة أزرقا
يساق إلى نار الجحيم مسربلا سرابيل قطران لباسا محرقا
إذا شربوا منها الصديد رأيتهم يذوبون من حر الصديد تمزقا
ويزيدهم عذابهم شدة، وحسرتهم حسرة تذكرهم ماذا فاتهم بدخول النار.
لقد فاتهم دخول الجنان، ورؤية وجه الرحمن، ورضوان رب الأرض والسماء جل جلاله.
ويزيد حسرتهم حسرة، وألمهم ألما أن هذا العذاب الأليم والهوان المقيم ثمن اشتروه للذة فانية، وشهوة ذاهبة، لقد باعوا جنة عرضها السماوات والأرض بثمن بخس دراهم معدودة.
بشهوات تمتعوا بها في الدنيا ثم ذهبت وذهبوا فكأنها وكأنهم ما كانوا وما كانت.
ثم لقوا عذابا طويلا، وهوان مقيما.
فعياذا بالله من نار هذه حالها.
وعياذا بالله من عمل هذه عاقبته.
اللهم إنه لا طاقة لنا بعقابك، ولا صبر لنا على عذابك.
اللهم فأجرنا وأعتقنا من نارك.
(ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما، إنها ساءت مستقرا ومقاما).
……………[/color]

الشيخ حسنى
Admin
Admin

عدد المساهمات : 411
تاريخ التسجيل : 07/08/2010

https://hosne.7olm.org

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى